ثم يقول الرب جل وعلا: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب:53] لماذا؟ {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب:53] فهذه الآية الكريمة نص واضح في وجوب تحجب النساء على الرجال وتسترهن منهم، وقد أوضح الله سبحانه وتعالى في هذه الآية أن التحجب أطهر لقلوب الرجال والنساء وأبعد عن الفاحشة وأسبابها، وأشار رب العالمين جل وعلا إلى السفور وعدم التحجب أنه خُبث ونجاسة وأن التحجب سلامة وطهارة، وهذا كله آيات كريمات أنزلها رب العالمين؛ ليخرج بها العباد من الظلمات إلى النور لمن ابتغى الهدى والرشاد فيقول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ} [الأحزاب:59] ثم يأتي بعض المعارضين، ثم يأتي بعض المفتونين ويقول: الحجاب خاص بنساء النبي أما نساءكم فأظهروهن لنا ودعونا ننظر إليهن، وزينوهن لنا، وقفوهن بالشوارع حتى يركبن مع صاحب الأجرة ومع غيرهم!
يقول: خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم! ثم نمسك يده إن كان أعمى، وإن كان أعمى القلب فصدق الله العظيم {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج:46] والقلب إذا كان منكفئاً، فإنه لا يحمل شيئاً مثل الإناء يا عباد الله، الإناء إذا كان منكفئاً لا يتسع لشيء، فربنا جل وعلا لما قال للنبي صلى الله عليه وسلم: {قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب:59] إن كنت مؤمناً صادقاً ونساؤك مؤمنات وبناتك مؤمنات فهذه الآية تشملك يا مسكين! وإن كنت ممن لا يؤمن بآيات الله ويريد المعارضة فحسبك الوقوف بين يدي الله يوم لا ينفع مال ولا بنون.
يقول الرب جل وعلا -وليس الخطاب خاص بالنبي- {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب:59] ربما المعارض هذا لم يعلم أن هذه الآية في كتاب الله، أو أعماه الهوى وصده اتباع الباطل عن اتباع الحق فإننا نكررها {وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب:59] يا لها من آداب سامية!
ما هو الجلباب؟ هو ما تضعه المرأة على رأسها للتحجب والتستر، وهذا الحجاب يشمل زوجات النبي وبنات النبي ونساء المؤمنين جميعاً بإدناء الجلباب على المحاسن من الشعور والوجه وغير ذلك حتى يعرفن بالعفة.
بماذا تعرف المرأة؟ هل تعرف بمقدمتها أو بمؤخرتها؟ إذا كانت حاجبة عن وجهها؟ لا.
أما إذا كشفت عن وجهها فإنها تعرف في أول وهلة وفي أول الأمر؛ فينبغي لها أن تحتجب وتغطي وجهها ولا تطِع أهل الفتن وأهل الأهواء الذين يريدون لها الضلال والعياذ بالله.
فهذا النهي من ربنا جل وعلا، حتى يعرفن بالعفة فلا يفتتن ولا يفتن غيرهن فيؤذين، وكذلك المصيبة العظمى والتي أنتجته لنا قصيدة عمت بها البلوى لا كثرهم الله، يقول: (ما هقيت أن البراقع يفتننا) قلبه مفتون، عيونه مفتونة، قلبه مفتون أسأل الله أن يهديه أو يأخذه ويريح المسلمين من شره، وهو البرقع الذي لما سمعن به ناقصات العقول والدين جعلن يبحثن عن هذا البرقع، كان البرقع لا يستعمله إلا أهل البادية، ولما سمع به النساء ناقصات العقول والدين من هذا المغني أخذنه بالقبول وأخذنه بالثمن حتى أنه يقاس عليها، يقول: كذلك مما يجلب الفتنة ويلفت النظر هو ما يسمى بالبرقع، وهو الذي يبين العيون، والبعض من النساء تزيد في فتحة البرقع حتى تبدو ملامح الوجه، وكذلك ترفع العباءة حتى يظهر مفرق رأسها.
كل هذا من دواعي الفتن التي انفتحت على المسلمين، والتعرض للشر فانتبهوا لذلك يا عباد الله، ويا أولياء النساء! واعلموا أن المرأة أمانة في أعناقكم، يقول صلى الله عليه وسلم: {من ابتلي بشيء من هذه البنات كن له ستراً من النار، ومن كان له جاريتين فأحسن تربيتهن … -إلى آخر الحديث- كنت أنا وهو كهاتين في الجنة}.
فما هي الآداب يا أخي المسلم؟ ما هي التربية التي ينبغي لك أن تتخذها لبناتك ونسائك وأخواتك حتى تكون رفيق رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة؟
الزم النساء بالحجاب، احفظهن من التبرج والسفور، كن لهن حصناً حصيناً بعد توفيق الله عز وجل، فهذا كله يمنع عنها الشكوك والأوهام.