الحمد لله الذي علمنا الحكمة والقرآن، فمن عمل بما علم فقد أفلح وأنجح وبلغ المرام، ومن أعرض عن الذكر الحكيم وما فيه من الآيات المحكمات فقد خاب وخسر وباء بالتباب، قال الله جل وعلا: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه:124] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بلغ البلاغ المبين، ونصح الأمة وتركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، حذر أمته من مضلات الفتن، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله عز وجل وراقبوا ربكم في السر والعلانية.
أيها المسلمون: أيها المؤمنون: لا يخفى عليكم ما عمت به البلوى في كثير من البلدان، ومع الأسف الشديد بلدان المسلمين، ما عمت به البلوى من تبرج النساء وسفورهن، وعدم التزامهن بالحجاب من الرجال، وإبداء الكثير من زينتهن التي حرم الله عليهن إبداءها، ولا شك يا عباد الله! ويا أمة الإسلام! يا أهل الغيرة والحمية! أن ظهور هذه المنكرات العظيمة والمعاصي الظاهرة من أعظم أسباب حلول العقوبات ونزول النقمات، لما يترتب على التبرج والسفور من ظهور الفواحش، وأعظمها فاحشة الزنا، وارتكاب الجرائم، وقلة الحياء، وعموم الفساد، فاتقوا الله أيها المسلمون! وخذوا على أيدي نسائكم، وامنعوهن مما حرم الله عليهن، وألزموهن التحجب والتستر، واحذروا غضب الجبار، ونقمة الله عز وجل الذي إذا غضب فلا مانع لعقوبته ولا راد لقضائه، فقد صح عن نبيكم صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه} وقد قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: {يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: نعم.
إذا كثر الخبث} فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
يغضب بعض الأقارب إذا قلت لزوجتك أو لبناتك: الزمن الحجاب والتستر، يغضب لذلك ويقول: هذه عاداتنا عشنا عليها منذ وجود آبائنا.
تباً لهذا الرد الخبيث، هذا مثل رد المشركين الذين قالوا: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف:23] فمن أراد أن يكون مع الجاهلين المشركين فليلتزم هذا الرد الخبيث فليقولوا: هذه عاداتنا، وهذه تقاليدنا فلا نستطيع تغييرها.