الحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضاه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، الذي بلغ البلاغ المبين، ترك أمته على البيضاء، ليلها كنهارها، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا عباد الله: اتقوا الله عزَّ وجلَّ، واعلموا أن من البر العطف على البنات حال الصغر، حتى يجعل الله لهن سبيلاًَ، إما زواجاً، وإما نهاية أجل، يقول نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم: {من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن، كنَّ له ستراً من النار}.
ويقول صلى الله عليه وسلم: {من كان له ثلاث بنات يأويهن ويرحمهن ويكفلهن ويزوجهن، وجبت له الجنة ألبتة قيل: يا رسول الله! وإن كانتا اثنتين؟ قال: وإن كانتا اثنتين} قال راوي الحديث: [[فرأى بعض القوم أن لو قالوا: واحدة]].
أمة الإسلام: إنه فضل عظيم، وأجر كبير؛ لكن لمن يحصل هذا الأجر، وهذا الفضل العظيم؟
يحصل لمن رباهن تربية إسلامية، وعلمهن علوم الدين، وأحاطهن بالنصيحة، ولم يدخل عليهن السائق، ولا الخادم، ولا الفيديو، ولا الأغاني، ولا التمثيليات الخليعة، ولا الأغاني الماجنة التي تعلم البنات الحب والغرام، ومغازلة الرجال.
يحصل هذا الأجر العظيم والثواب الكبير؛ لمن حافظ على تلك البنات من الخروج إلى الأسواق متبرجات، فاتنات مفتونات.
يحصل هذا الأجر العظيم، والثواب الكثير لمن نفذ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث يقول: {من أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه}.
أما الذين صاروا يتاجرون بالفتيات، ويعرضوهن للبيع فلن يفلحوا، وسوف يكون ذلك الحطام الذي يأخذونه وبالاً عليهم في العاجل والآجل، وليعلم أولئك أن أكثر النساء بركة أيسرهن مؤونة.
أيها الآباء: علينا جميعاً أن نتعاون على البر والتقوى، ونأخذ بالأثر: {زوجوهن وأعينوهم عليهن} ولنَخْتَار الأزواج الصالحين، لأولئك الفتيات؛ فإنهن أمانة في أعناق الآباء.
فيجب على الآباء أن يختاروا لهن الأزواج الصالحين، الذين هم عوناً على طاعة الله.
أمة الإسلام: الآباء في ذلك يختلفون:
من الآباء: من يساوم على ابنته، ويحدها بمائة وخمسين ألف ريال، مع ما يتبعها من الشبكة وغيرها للأم والإخوة والأعمام والأخوال.
ومن الآباء: من يقول: نعم.
أزوجكها؛ لكن دعني أستلم راتبها من البنك.
ومن الآباء: من يقول: لا أزوجها؛ لأنها صغيرة، وهي دائماً تتصل على العلماء وتكاتب العلماء، وتقول: بلغت من العمر ثلاثين سنة، ووالدي لم يزوجني، وإذا أتى خاطب يقول: هي صغيرة.
ومن الآباء: من شارك رأيه رأي النساء، فإذا جاءه الخاطب جلس مع النساء، وعقد معهن المشورة، ثم يقول لهؤلاء النساء: أتانا خاطب، فتبدأ المشورة من الأم، إلى الأقارب، فيقولون له: إن هذا الذي أتى يخطب ابنتك مطوع له لحية، وليس في بيته فيديو، ولا تلفاز، وثوبه قصير، إذا زوجته حبس حرية البنت، فلا يدعها تخرج إلى الأسواق، ويمكن أنه فقير؛ لأنهم لما علموا أنه ليس في بيته آلات لهو صار في أعينهم فقيراً؛ ولكنه بإذن الله عند الله شريف، أسأل الله أن يثبتنا على طاعته, وأن يجيرنا من مضلات الفتن.
أيها الإخوة في الله: ذلكم -يا عباد الله- ما يقع في هذا الزمان، ثم يأت الأب ويعتذر من هذا الزوج الكفؤ؛ لأن مجلس المشورة لم ينعقد على قبوله، فيعتذر لهذا الزوج الكفؤ؛ لأنهم شهدوا له أنه رجل مستقيم، وهم لا يريدون الرجل المستقيم مع الأسف الشديد، وهذا بإذن الله سوف يكون قليلاً في المجتمع؛ لأن من الناس من يحب الخير لنفسه ولبناته.
فأسأل الله الكريم، رب العرش العظيم أن يوفق كل فتاة متمسكة، لزوج صالح يعينها على طاعة الله، وإلا فكم من امرأة صالحة لما تزوجها شرير من سائر الناس، الذي أغرى الأب والأم، أفسد البنت، أفسد عليها دينها وأخلاقها وآدابها، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أيها الآباء: إنها والله أمانة عظيمة في أعناقكم سوف تسألون عنها يوم القيامة، اللهم إني بلغتهم أحاديث رسولك، وآياتك في كتابك، فرسولك صلى الله عليه وسلم يقول: {كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته}.
ورسولك يقول: {من أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد كبير}.
اللهم وفقنا جميعاً لما تحبه وترضاه.
عباد الله: صلوا على رسول الله امتثالاً لأمر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56].
ويقول صلى الله عليه وسلم: {مَن صلى عليَّ صلاةً صلى الله عليه بها عشراً} اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وارضِ اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.