مواقف أيضا تحتاج إلى التفكر أيها الإخوة في الله، وهي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه آتيان فانطلقا به، ثم يقول صلى الله عليه وسلم: {أتينا على رجل مستلقٍ وإذا رجل آخر معه حجر، فيضربه بهذا الحجر، فيتدهده الحجر، ثم يأتي بالحجر وإذا بالرأس قد صحا فيضربه بالحجر، فكلما صحا ضربه بالحجر} -ونختصر الحديث- ثم سأل صلى الله عليه وسلم عن هذا الذي يضرب بالحجر، فقال: من هذا؟ فقالا: هذا الرجل الذي يأخذ القرآن ويرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة، فهذا عذابه في البرزخ إلى يوم القيامة نسأل الله العفو والعافية.
ومرّ صلى الله عليه وسلم على رجل آخر مستلقٍ لقفاه، وإذا رجل آخر معه مثل الكلوب يشرشر عينه ومنخره إلى قفاه، ثم يذهب إلى الجانب الآخر، ثم يعود إلى الجانب الأول فإذا به قد عاد، صحا كما كان، فهذا عذابه في البرزخ إلى يوم القيامة.
ثم سأل صلى الله عليه وسلم من هذا؟ قالا: هذا الذي يغدو بالكذبة فتبلغ الآفاق، هذا الكذاب الذي توعده رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، فقال: {وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا} نسأل الله العفو والعافية.
ثم مرّ في موقف آخر صلى الله عليه وسلم، وإذا هما يقفان به على مثل التنور، وإذا به رجال ونساء عراة، وإذا هذا التنور أعلاه ضيق، وأسفله واسع، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم هذا اللهب ارتفع بهم، ضوضوا، قال: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الزناة والزواني، هذا عذابهم في البرزخ قبل يوم القيامة، الذين يمارسون جريمة الزنا الجرثومة الخطيرة التي ضررها في الدنيا وضررها في البرزخ وعذابها يوم القيامة، أما ضررها في الدنيا، فهي فقر ويسود وجهه، ويصاب بالأمراض التي تسمعون بها، كمرض الإيدز والهربز والزهري والسيلان، كل هذا من أسباب مرض الجريمة البشعة جريمة الزنا -نسأل الله العفو والعافية- هذا في الدنيا مع ما يصاب به من الفقر وسواد الوجه، أما في البرزخ إذا مات من غير توبة، فإنه يوضع في مثل التنور، أسفله واسع وأعلاه ضيق، نسأل الله العفو والعافية, اللهم إنا نسألك توبة نصوحاً.
ثم يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موقف آخر، ويقف على رجل، وإذا هو يسبح في نهر مثل الدم، وإذا على ساحل النهر رجلٌ قد جمع عنده من الحجارة، وإذا بذلك السابح يسبح، ويأتي إلى هذا الرجل الذي على حافة النهر، فيلقمه حجراً، ثم يذهب ويسبح ويأتي ويلقمه حجراً، فقال: من هذا؟ قالا: هذا آكل الربا، قال بعض العلماء في شرح هذا الحديث: إن هذه الحجارة التي جمعها ويلقمها إياه، هي الأموال التي جمعها من الربا، ثم لا تسأل عن حاله إذا قام يوم القيامة، كالذي يتخبطه الشيطان من المسَّ -نسأل الله العفو والعافية- هذا آكل الربا أيها الإخوة في الله.
ومن المواقف التي ينبغي للإنسان أن يأخذ حذره منها، وهي الغيبة -أيها الإخوة في الله! - فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسري به رأى أناساً أظفارهم من نحاس, يخمشون بها وجوههم وصدورهم، فقال: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يقعون في أعراض الناس، ويأكلون لحومهم نسأل الله العفو والعافية.
وأيضاً وردت النصوص في التحذير من الغيبة؛ لأنه موقف بشع، ينبغي للمسلم أن يتحاشى عنه ويبتعد، ومرَّ صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: {إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى إنه لكبير -أو كما قال صلى الله عليه وسلم- أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة -ينقل الحديث بين الناس لقصد الإفساد- وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله} ويكفي للنمام وعيداً قوله صلى الله عليه وسلم: {لا يدخل الجنة نمام} نسأل الله العفو والعافية.
أيها الإخوة في الله! مواقف يحتاج الإنسان أن يتفكر فيها ليبتعد عنها، ويحذر من وقع فيها.