الحمد لله الذي جعل المؤمنين إخوة في الإيمان، وشبههم بالبنيان، وشرع لهم من الأسباب ما تقوم به تلك الأخوة وتستمر على مدى الزمان، أحمده وأشكره، وأسأله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا من المؤمنين حقاً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا شريك له في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، المبعوث إلى جميع الإنس والجن، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليماً.
أما بعد
فيا عباد الله! اتقوا الله عز وجل وأطيعوه.
أيها الإخوة في الله! إن دين الإسلام الميسر الحنيف الذي عنى بمصالح البشر ومتطلبات معاشهم ومعادهم قد أوجب على بعضهم البعض حقوقاً، فبالأخذ بهذه الحقوق والتأدب بها يسود بين المؤمنين الوئام والتآخي والتعافي والتشاد؛ استجابةً لنداء الله عز وجل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:10] فهذه الأخوة والرابطة الدينية أقوى من كل رابطة وصلة، فحققوها بالتحاب بينكم والتآلف، ومحبة الخير بعضكم لبعض، وبالتعاون على الخير، وبفعل الأسباب التي تقوي ذلك وتنميه، وترك الأسباب التي تضعف ذلك وتنقصه، فالأمة لا تكون أمة ولا يجتمع لها قوة حتى تكون كما وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم: {المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً} ويقول صلى الله عليه وسلم: {المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يُسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلمٍ كربة، فرج الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة} وفي رواية: {من يسر على معسرٍ، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة}.
كذلك -يا عباد الله- {مثلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى} هكذا يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول صلى الله عليه وسلم: {لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه}.
الله أكبر ولا إله إلا الله! إعلان هام من رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه}.