وفي ذلك اليوم العظيم يوضع الصراط على متن جهنم؛ أدق من الشعرة وأحد من السيف، وترسل الأمانة والرحم، فيقومان على جانبي الصراط يميناً وشمالاً، فيمر الناس على الصراط على قدر أعمالهم، ليس على قدر تجارتهم، ليس على قدر شجاعتهم في المبايعات والمشتريات، ليس على قدر شجاعتهم في الكذب والخيانة والحيل، إنما على قدر أعمالهم الصالحة، تجري بهم أعمالهم، فمنهم من يمر كلمح البصر، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر يزحف على الصراط زحفاً، ومنهم من ينتكس في جهنم، ومنهم من هو بين ذلك، ونبيكم قائم على الصراط، يقول: {يا رب! سلم سلم}.
لقد جاءكم نبيكم بها بيضاء نقية يا أمة الإسلام! فالحذر الحذر أن تلقوا ربكم على معاصيه! الحذر الحذر أن تلقوا ربكم على ما يغضبه! الحذر الحذر من معاصي الله! نبيكم على الصراط قائمٌ يقول: {يا رب! سلم سلم} فاتقوا الله -يا عباد الله- وخذوا لهذا اليوم عدته، فإنه مصيركم لا محالة، وموعدكم لا ريب ولا شك فيه، وإنه على عظمه وشدته وهوله ليكوننَّ يسيراً على المؤمنين المتقين، فآمنوا بالله واتقوه، واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه.
اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه، وجنبنا ما تبغضه وتأباه، اللهم إنا نسألك حسن الختام، اللهم أخرج أرواحنا على كلمة لا إله إلا الله، اللهم أخرجنا من الدنيا على الإسلام والإيمان، اللهم نور لنا في قبورنا، واجعلها لنا روضة من رياض الجنة، اللهم يسر حسابنا، ويمن كتابنا، واجعلنا ممن يمر على الصراط كالبرق الخاطف بمنك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا، وأسال الله بمنه وكرمه ألا يجعل قولي هذا عليَّ حجة، اللهم لا تجعل عليَّ قولي هذا حجة، اللهم اجعلنا ممن تعلم وعمل يا رب العالمين، اللهم اجعلنا ممن تعلم وعمل بما عمل، ونفعه عمله يوم لقائك يا رب العالمين، ولا تجعل في أعمالنا رياءً، ولا سمعةً، ولا بطراً، ولا عجباً يا رب العالمين، وأسأله أن يغفر لي ولكم ولوالدينا ولجميع المسلمين إنه هو الغفور الرحيم.