ولما بردت الحرب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من ينظر لنا ما صنع أبو جهل} فانطلق ابن مسعود رضي الله عنه، ووجده قد ضربه ابنا عفراء، شابان تعاونا على أبي جهل، فضرباه بسيفيهما رضي الله عنهما شابان لم يستعدا من شهر شعبان بالمكياج، والثياب الضيقة، والشعور الطويلة، حتى يتعرضا لنساء المسلمين في الأسواق التجارية في رمضان، في شهر الله المبارك- شابان أتيا على أبي جهل بسيفيهما، فضرباه، فخرَّ صريعاً على الأرض، لم يكونا مثل شبابنا الذين استعارهم بعض التجار ليكونوا في مقدمة المحلات ليغروا بهم النساء، ليسحبوا بهم النساء مع الأسف الشديد, والحزن المرير، والموت الفتاك، الذي قضى على الغَيرة وعلى الحياء، فإنا لله وإنا إليه راجعون! والله إن بعض التجار يستأجر بعض الشباب، ويختار الشباب الجرد المرد الحِسان، وإذا لم يجد في هذه البلاد استقدم من البلاد الأخرى، حتى يجتلب بهم النساء، ويجعلهم في مقدمة المحلات، فما هو العذر -يا عبد الله- للذين تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيعطي النساء ضحكة وابتسامة وكلاماً، ويقول: هذه هدية، وهذا لكِ دَين مؤخر، حتى يتعرف على المرأة ويجتذب المرأة بأسلوبه الخبيث، بأسلوبه الخاطئ، الذي أسأل الله جلت قدرته أن يهديهم ويبعدهم عن نساء المسلمين، أو يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، إنه على كل شيء قدير.
ثم لا ننسى أن أهل المحلات الذين يصفون تلك الملابس حتى تعلو رأس المرأة، ثم تكون المرأة خلف تلك الصفوف من الملابس، ويحادثها ويمازحها، ويلمِّسُها، ويقبلها، وولي أمرها جالس في السيارة، أو مع السائق، والسائق معه طفل يحمله، والمرأة داخل المحل، يخاطبها صاحب المحل، يلمِّسُها، ويقبلها، والولي جالس في السيارة، أو مع زملائه، يلعب البَلُوْت، والكِنْكان، أو مع الخادمة في بيته، فإنا لله وإنا إليه راجعون!!.
يا أمة الإسلام! أين الغَيرة؟!
أين الغَيرة يا أمة الإسلام؟!
هل دفنتم الغيرة؟!
هل ذبحتم الغَيرة؟!
أين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل أن يأتينا أبناء فارس والروم فيغزونا ويقتلونا بسلاحهم الفتاك، فإنا لله وإنا إليه راجعون!
نعم، ابنا عفراء، هما اللذَان قتلا أبا جهل، فخرَّ فرعون هذه الأمة صريعاً، وأتى إليه ابن مسعود رضي الله عنه، وهو لا يزال في رمق من الحياة، وأخذ ابن مسعود بلحيته - ابن مسعود الذي يقول فيه رسول الله، وهو دقيق الساقين: {إنهما لأثقل من أحد في الميزان} - يأتي فيعلو صدر أبي جهل، ويمسك بلحيته، ويحز رأسه بالسكين، ويأتي به، ويضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: [[الله أكبر! الله أكبر! الحمد لله الذي صدق وعده, ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده]] فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {انطلق، أرنِيِه} فانطلقنا، فأريته إياه، فقال: {هذا فرعون هذه الأمة، الحمد لله}.