وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى المدينة بحفظ الله ورعايته، بعد أن خرجوا من الغار سالمين، فلما سمع الأنصار رضي الله عنهم بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، جعلوا يخرجون كل يومٍ إلى حرة المدينة ليستقبلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو النور في إشراقته، فاجتمعوا إلى رسول الله وهم يرددون:
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع
جئت شرفت المدينة مرحباً يا خير داع
أو كما قالوا رضي الله عنهم في استقبال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجتمعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محيطين به متقلدين سيوفهم، وخرج النساء والصبيان وكل واحدٍ يأخذ بزمام ناقته يريد أن ينزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: {دعوها فإنها مأمورة} حتى إذا أتت محل مسجده اليوم، وهو المسجد النبوي الشريف، فعندما وصلت ذلك المكان المبارك بركت فيه، فنزل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسكن دار أبي أيوب الأنصاري حتى بني المسجد وبنُيت مساكنه.