الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلِّم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله عزَّ وجلَّ.
لقد سمعتم في الجمعة الماضية ما حل بالأمم المكذبة لرسل الله عزَّ وجلَّ حيث أنْزَل بهم النقمات، وحلَّت بهم العقوبات ونزلت بهم، ومزقهم الله كل ممزق، فتلكم ديارهم عامرة، وآثارهم موجودة؛ ولكن الله عزَّ وجلَّ دمَّرهم تدميراً، لما عصوا رسل الله عزَّ وجلَّ، ثم بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، فختم الله به الأنبياء والمرسلين، وأنزل معه الكتاب المبين.
أيها المسلمون: لقد بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم وأنزل معه القرآن العظيم.
أيها الأمة: أمة الإسلام، لقد استخلفكم الله من بعد تلك الأمم التي بادت وانقرضت وهلكت بعقوبة الله عزَّ وجلَّ، ثم بعث إليكم محمداً صلى الله عليه وسلم، فمدحكم الله في القرآن، حيث قال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران:110].
أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم القرآن العظيم، الذي فيه حَثٌ لكم إلى المبادرة والمسارعة إلى طاعة الله عزَّ وجلَّ والابتعاد عما يُغضب الله حتى لا يحل بكم ما حل بالأمم الماضية، قال الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:133 - 135].
فهذه أوصاف أهل الجنة الذين أطاعوا الله عزَّ وجلَّ: