القصة الخامسة: في إبراهيم عليه السلام حين سأل الله عز وجل أن يريه كيف يحي الموتى، فأمره الله تعالى أن يأخذ أربعة من الطير فيقطِّعهن ويخلطهن بلحمهن وعظمهن، ثم يفرقها على الجبال التي حوله، ويجعل على كل جبل جزءاً من هذه الطيور التي اختلط لحمها بعظمها، ثم يناديهن، ففعل إبراهيم عليه السلام فناداهن، فعند ذلك التأمت تلك الأجزاء المتفرقة على الجبال بعضها على بعض، وأتين إلى إبراهيم مشياً لا طيراناً.
وفي هذا يقول رب العالمين جل جلاله وتقدست أسماؤه: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة:260].
أمة الإسلام: هذه نماذج من إحياء الله تعالى للموتى في الدنيا، وهي تدل على البعث والنشور يوم القيامة، وما أهون ذلك على الله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم:27] {مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [لقمان:28] {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس:53] فسبحانه من إله عليم قادر! زجرة واحدة يخرج بها الناس أحياءً من قبورهم ذكوراً وإناثاً كباراً وصغاراً لا يتخلف منهم أحدٌ في مثل لمح البصر أو أقرب {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً} [فاطر:44].
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك، اللهم ارزقنا الرجوع إلى القرآن العظيم لِنَحكُم به، ونُحكِّمه، ولنرى ما فيه من العجائب مخلوقاتك، اللهم ارزقنا التفكر في آياتك وارزقنا الاتعاظ بذلك، وارزقنا الانتفاع بما أنزلت من وحيك وما قدَّرته من قضائك، اللهم اغفر لنا وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم، فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.