الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا أيها الناس! اتقوا الله عز وجل، والله الله بالتحذير من جميع الذنوب والسيئات عموماً، مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر.
عباد الله! لقد سمعتم -فيما تقدم- آيات وأحاديث تبين تحريم المسكرات والمخدرات بأنواعها، وأنها من كبائر الذنوب، ومن أعظم الجرائم التي انتشرت في المجتمعات.
عباد الله: اعلموا وبلغوا أن الله قد توعد من أدمن على المسكرات والمخدرات ومات ولم يتب توعده الله بأليم العذاب في النار، كيف لا يا عباد الله! وهي أم الخبائث ورأس الخطايا!! ومفتاح الشرور، ودليلٌ إلى النار، وسببٌ لغضب الجبار جلَّ وعلا!
عباد الله: قولوا لأهل المخدرات والمسكرات: اتقوا الله، وفكروا في الموت وسكراته، والقبر وظلماته، قولوا لهم: قفوا مع أنفسكم قليلاً؛ فحاسبوها.
يا نفس! ذهب الصبا وولى، وجاء المشيب، وقد انقضى العمر في اللهو، فهل ترجعين؟!
يا نفس إن كان قد غرك الشباب، فالعمر ينتهي كلمح البصر.
وإن كان غرك المال، فما أنت من قارون أغنى وقد خسف الله به وبداره الأرض.
يا نفس! إن كان غرك نضرة الوجه، فالدود ينتظرك في القبر وسوف يشبع من لحم الخدود، وتتمزق الأعضاء وتنتخر العظام، ثم لا تدري إلا وأنت تسمعين الصيحة، لتقومي بين يدي رب العالمين.
ثم تنظر إلى ما قدمت يداك يوم يعضُّ الظَّالم على يديه نادماً على ما جناه {يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [الانفطار:19].
فاتقوا الله عباد الله! وبلغوا أهل المسكرات والمخدرات التحذيرات، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {كل مسكرٍ خمر، وكل خمرٍ حرام} ويقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وآكل ثمنها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه} ويقول صلى الله عليه وسلم: {من شرب الخمر في الدنيا ومات ولم يتب منها وهو مدمنٌ لها، لم يشربها في الآخرة} ويقول أيضاً: {إن على الله عهداً لمن شرب المسكر أن يسقيه الله من طينة الخبال، قيل: يا رسول الله! وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار}.
وأيضاً يروى من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لا يدخل الجنة مدمن خمر، ولا مؤمنٌ بسحر، ولا قاطع رحم، ومن مات وهو يشرب الخمر سقاه الله من نهر الغوطة وهو ماءٌ يجري من فروج المومسات- يعني: الزانيات- يؤذي أهل النار ريح فروجهن}.
ويروى عن عثمان رضي الله عنه وأرضاه أنه كان يقول: [[اجتنبوا الخمر فإنها أمُّ الخبائث]] إنه كان رجلٌ ممن كان قبلكم يتعبد ويعتزل الناس، فعلقته امرأة، فأرسلت إليه جاريتها أن تدعوه لشهادة، فدخل معها، فطفقت تغلق الأبواب حتى أفضى إلى امرأة عندها غلام وراوية خمر، فقالت: إني -والله- ما دعوتك لشهادة، ولكن دعوتك لتقع عليَّ، أو تقتل الغلام هذا، أو تشرب هذه الخمر، فاستسهل أمر الخمر، فشرب الخمر، فلما شرب الخمر، قال: زيدوني، فلم يزل يقل: زيدوني حتى وقع على المرأة، وفعل بها الزنا، وقتل الغلام، قتل نفساً بغير حق، فاجتنبوا الخمر، فإنها لا تجتمع هي والإيمان أبداً، إلا أوشك أحدهما أن يخرج الآخر.
اللهم اعصمنا من جميع المنكرات، اللهم اعصمنا من جميع المنكرات، اللهم اعصمنا من جميع المنكرات، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.
عباد الله: صلوا على رسول الله، امتثالاً لأمر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب: 56] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى عليَّ صلاةً، صلى الله عليه بها عشراً} اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.