عباد الله: يروي لنا عبد الرحمن بن مصعب: [[أن هناك رجلاً كان على شط الفرات، فسمع تالياً يتلو قول الله تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [الزخرف:74] فلما تلاها، وسمعها هذا الرجل تمايل، فلما قال التالي: {لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} [الزخرف:75] سقط هذا المستمع في الماء، فمات رحمه الله]] يخافون من ذكر النار.
عن لقمان الحنفي قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على شاب ينادي في جوف الليل، لا شابٌّ ينادي عند الشوط الأول والأخير، وعند البَلُوْت والكِنْكَان، وعند المخدرات والمسكرات، مثل أكثر شبابنا، إلى الله المستغاث شبابٌ ذهبوا مع الشيطان والهوى، أكثر شبابنا يؤسَف لهم يا أمة الإسلام! المساجد منهم خالية، وأصواتهم مرتفعة باللعنات والشتمات في أوقات الأسحار والإجابات، يشتم بعضهم بعضاً، يشربون المسكرات، يتبادلون المخدرات، لعبهم ولهوهم الميسر والقمار، البَلُوْت والكِنْكَان، كأنهم لم يُخلقوا إلا عبثاً، وكأنهم متروكون هَمَلاً، إلى الله نشكو أحوال كثير من الشباب، فهذا {شاب يمر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينادي في جوف الليل: واغوثاه من النار، واغوثاه من النار، واغوثاه من النار قضى ليله في هذه الكلمة، فلما أصبح قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا شاب، لقد أبكيتَ البارحة ملأً من الملائكة كثيراً} الله أكبر! الله أكبر!
إخواني: اعتبروا من هذه الأحوال بسلفكم الصالح، فإنَّهم كانوا يَخافون من النار.
وأنتم يا عباد الله: أما تشفقون من النار؟! أما تشفقون من نار جهنم وما فيها من العذاب والأنكال؟! أما تحذرون سلاسلها والأغلال؟!
واعجباً! لمن يقرع سمعَه ذكرُ السعير، وهو من عذابها بالله غير مستجير.
فيا من تتعدون الحدود، يا من تعصون الملك العلام، أفيكم جلد على نار وقودها الناس والحجارة، أم قد رضيتم لأنفسكم بهذه الخسارة؟
فيا ويلاً لمن كانت النار له دار.
اللهم يا رب الأرباب! ويا مسبب الأسباب! ويا أرحم الراحمين! نسألك أن تعيذنا من الْهَلَكات، ومن دار السعير والدركات، وتباعد بيننا وبين ما فيها من الأغلال واللفحات، وأن تجعلنا مِمَّن يُكرم في روضات الجنات.
عباد الله! صلوا على رسول الله امتثالاً لأمر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56].
ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً}.
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد.
وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك وجودك يا رب العالمين!
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، عاجلاً غير آجل، اللهم ردنا إليك رداً جميلاً، اللهم أصلح شباب الإسلام والمسلمين، اللهم إن أحوال الشباب تُرثى يا حي يا قيوم، اللهم إن أحوال الشباب تُمْرِض، وتضيق لها الصدور، ويَندى لها الجبين، فنشكو إليك يا من تُشكى إليه الأمور، يا من لا تخفى عليه سرائر ما في الصدرو، نشكو إليك أحوالنا يا رب العالمين.
اللهم ردنا إليك جميعاً.
اللهم ردنا إليك رداً جميلاً.
اللهم خذ بأيدينا إلى ما تحبه وترضاه، وجنبنا ما تبغضه وتأباه، يا حي يا قيوم! يا ذا الجلال والإكرام!
اللهم أغث قلوبنا بالإيمان، وأغث بلادنا بالقطر النافع يا رحمن، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً سَحَّاً غدقاً، نافعاً غير ضار، اللهم نافعاً غير ضار، اللهم سقيا رَحْمَة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا بلاء ولا غرق.
اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً له، يا سميع الدعاء! إنك حسبنا ونعم الوكيل.
اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأئمة وولاة أمور المسلمين أجمعين، في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم اجمع قلوبنا جميعاً على الحق يا رب العالمين، اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:201].
اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا واللواط والزلازل والمحن وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن، عنا وعن جميع المسلمين عامة، يا رب العالمين.
{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:23].
عباد الله! {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل:90 - 91].
واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.