لما تهاون المسلمون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وزال عنهم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: {المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضاً} هل يوجد فينا هذا الحديث -الآن- يا عباد الله؟
أنا أجاوبك من على هذا المنبر: لا، لا يوجد فينا.
{مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى} لا يوجد فينا هذا -يا عباد الله- لو كان هذا يوجد بين المسلمين؛ لأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر، وأخذنا على يد السفيه، وأطرناه على الحق أطراً، ولكن هذا لا يوجد.
انظر ماذا أثر التلفاز من وقت وجوده حتى الآن والمسلمون ينقصون أفواجاً أفواجاً عن صلاة الصبح، ولا حول ولا قوة إلا بالله؟! فالتلفاز بينه وبين صلاة الفجر صراعٌ عظيم.
فمن سهر مع التلفاز، ومع الأفلام والتمثيليات، فحريٌ به ألا يعرف صلاة الفجر إلا في رمضان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
لماذا يا عبد الله لا يكون عندك هذا الإحساس؟
جارك لا يعرف الصلاة في المسجد وأنت ساكتٌ عنه، ولا ترشده، ولا توقظه لصلاة الفجر، أما علمت أنه يوم القيامة سوف يمسك بتلابيبك بين يدي رب العالمين، ويقول: يا رب! إن فلاناً ظلمني، بماذا؟ ثم تقول: والله ما أخذت ماله، ولا هتكت عرضه، ولا، ولا، ثم يقول: صدق، ولكنه رآني على المنكرات، ولم يأمرنِ ولم ينهنِ، أولادك سوف يوقفونك بين يدي الله عز وجل لتركك إياهم لا يعرفون المساجد، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
قد ملئت بطونهم بالمأكولات والمشروبات، وكسيت ظهورهم، وبنيت لهم الفلة، ووسعت لهم المساكن، ولكن قطعتهم من الغذاء الروحي -غذاء الإيمان- وهو تعليم الكتاب والسنة، فلو تعلموا الكتاب والسنة، ما اتخذوا الكرة لهم إلهاً من دون الله، ولما رأيتهم في الشوارع يهيمون ويسرحون ويعبثون، وأنتم عنهم لاهون.
يا أمة الإسلام! والله إنها عليكم مسئوليةٌ عظيمة، سوف يتمنى الإنسان يوم القيامة أنه ليس له أولاد، أمانةٌ في عنقك يوم القيامة سوف تسأل عنها بين يدي الله رب العالمين، تخرج إلى المسجد وأولادك في مضاجعهم نائمون، تخرج إلى المسجد وأولادك في الشوارع يهيمون ويسرحون وراء الكرة، وبالليل وراء التمثيليات والأفلام، سوف تسأل عنهم أمام رب العالمين، فأعد للسؤال جواباً، وللجواب صواباً.
نعم يا عبد الله! هذه حال الكثير من الناس.