الحمد لله رب العالمين، الذي يسر لعباده حج بيته الحرام، وعادوا بسلامةٍ وأمنٍ وأمان، فلله الحمد والمنة، وله الشكر على كل حال، فهنيئاً لمن تقبَّل منه مولاه هذا الحج، فقد خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وهنيئاً لمن تقبل الله منه الحج، ولم يرفث، ولم يفسق، وكان حجه مبروراً، فإن مآله إلى الجنة، كما قال رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: {والحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة} وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها الناس! اتقوا الله عز وجل.
عباد الله: هنيئاً لمن أسلم وعرف الإسلام حقيقة، فإنه يمشي على نورٍ وهدىً من الله عز وجل، وبالعكس فإن الذي لم يعرف حقيقة الإسلام، ولم يقبل هدى الله، فإنه كالمكب الذي يمشي على وجهه، نسأل الله العفو والعافية، اللهم إنا نسألك التوفيق والسداد والثبات على الإسلام.
عباد الله! لقد ضرب الله لذلك مثلاً، فقال: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك:22].
عباد الله! إن الإسلام قد بُني على أسس ثابتة، وقواعدٍ متينة، بإقامتها تحصل الاستقامة، وبوجودها يكون القرب من الله عز وجل، قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: {إن الله -تبارك وتعالى- قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ من أداء ما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليًّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيءٍ أنا فاعله، تردُّدي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته، ولا بد له منه} رواه البخاري.
يقول ربنا جل وعلا: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} [الزمر:22].