الحمد لله الذي أنزل الكتاب تبياناً لكل شيء, وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا وإمامنا ونبينا وقدوتنا محمداً الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أيها المسلمون! اعلموا أن القرآن الكريم خير كتاب أنزل على أشرف رسول, إلى خير أمة أُخرجت للناس، بأفضل الشرائع وأسماها وأكملها، أنزل القرآن لكي يقرأه المسلم ويتدبر معانيه, ويتفكر في أوامره ونواهيه، ثم يعمل به، فيكون حجةً له عند ربه.
القرآن حجةً لك أو عليك, يقرأه المسلم, ويعمل بمحكمه, يؤمن بمتشابهه, ليكون شفيعاً له يوم القيامة، وقد تكفّل الله بمن قرأ القرآن وعمل بما فيه ألا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، يقول صلى الله عليه وسلم: {اقرءوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه} رواه مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام: {يُؤتى يوم القيامة بالقرآن، وأهل القرآن الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما} ويقول صلى الله عليه وسلم: {خيركم من تعلَّم القرآن وعلمه} ويقول صلى الله عليه وسلم: {يجيء القرآن يوم القيامة، فيقول: يا رب! حله -أي: ألبسه حلة صاحب القرآن الذي عمل بالقرآن- فيلبس تاج الكرامة، يقول: يا رب! زده، فيلبس حلة الكرامة، ثم يقول: يا ربِ! ارض عنه، فيقال: اقرأ وارق -يعني: في درج الجنة- فيزداد بكل آية حسنة} ويقول صلى الله عليه وسلم: {من قرأ القرآن فاستغفره -أي: حفظه عن ظهر قلب- فأحل حلاله وحرم حرامه، أدخله الله به الجنة، وشفِّعه في عشرة من أهل بيته كلهم قد وجبت له النار} وقال صلى الله عليه وسلم: {من قرأ حرفاً من كتاب الله، فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها} وقال صلى الله عليه وسلم: {من استمع إلى آية من كتاب الله، كتبت له حسنة مضاعفة، ومن تلاها كانت له نوراً يوم القيامة} وقال صلى الله عليه وسلم: {وما اجتمع قوم في بيتٍ من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة, وغشيتهم الرحمة, وحفتهم الملائكة, وذكرهم الله فيمن عنده} {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الجمعة:4].
أيها المسلمون! هل بعد هذا الفضل العظيم فضلٌ أعظم من هذا؟
لنتساءل جميعاً هل بعد هذا الفضل العظيم فضلٌ أعظم من هذا الذي أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
لا والله، ثم لا والله، لكنَّ المسلمين -أسأل الله أن يردنا جميعاً إلى الحق- لما أعرضوا عن كتاب الله واستبدلوه بالمجلات والجرائد واستماع الملاهي! هان عليهم هذا الفضل العظيم، وسيكونون في خسارة وسفال، إن لم يرجعوا إلى ربهم وإلى دينهم القويم المستمد من هذا الينبوع العظيم، وهو القرآن الكريم.