ولئن سألتم عن طعامهم وشرابهم، فهو الزقوم وهو شجر خبيث مر الطعم، نتن الريح، كريه المنظر، يتزقمونه تزقماً لكراهته وقبحه، ولكن يلجئون إلى ذلك لشدة جوعهم، فلا يسمنهم ولا يغني من جوع، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {اتقوا الله حق تقاته، فلو أن قطرة من الزقوم قطرت في بحار الدنيا؛ لأفسدت على أهل الأرض معيشتهم}.
فإذا ملئوا بطونهم من هذا الطعام الخبيث الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، التهبت أكبادهم عطشاً، فلا يهيأ لهم الشراب، وإنهم ليستغيثون: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ} [الكهف:29].
ما هو الماء الذي كالمهل؟
إنه الرصاص المذاب الذي يَشْوِي الْوُجُوهَ حتى يتساقط لحمها، بئس الشراب الذي يشربونه على كره واضطرار، شرب الهيم وهي: الإبل العطاش التي لا تروى من الماء، فإذا سقط في أجوافهم قطع أمعاءهم، فهو كالمهل في حرارته، وكالصديد في نتنه وخبثه، قال الله تعالى: {وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} [إبراهيم:15 - 17].