الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، خلق جهنم وأعدها للعصاة، وما ربك بظلام للعبيد، فهو أحكم الحاكمين وأعدل العادلين، وأرحم الراحمين، أحمده حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ملكه وحكمه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آل عمران:131 - 132] اتقوا النار بطاعة الله، اتقوا النار بامتثال أوامر الله واجتناب نواهيه، فإنه لا نجاة لكم من النار إلا بهذا، اتقوا النار فإنها دار البوار، دار البؤس والشقاء والخزي والعار، دار من لا يؤمن بالله واليوم الآخر، دار ساكنوها شرار خلق الله تعالى من الشياطين وأتباعهم، قال الله تعالى مخاطباً إبليس: {فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ * أَقُولُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص:84 - 85].
دار فرعون وهامان، وقارون وأبي بن خلف، وغيرهم من طغاة الخلق وفجارهم، دار المنافقين وأحزابهم وإخوانهم، هؤلاء سكان جهنم، كفار فجرة، وطغاة ظلمة، ومنافقون خونة، ولئن سألتم عن مكانها، فإنها في أسفل السافلين، وأبعد ما يكون عن رب العالمين، فهي دار عقاب لأعداء الله، فأبعدت عن رحمة الله، وعن دار أولياء الله، يؤتى بها يوم القيامة لها سبعون ألف زمان، مع كل زمان سبعون ألف ملك يجرونها.