وأما إعفاء اللحية فلأن الله خلقها تمييزاً بين الذكور والإناث, وإظهاراً للرجولية والقوة ولذلك -ولله في ذلك حكمة- اللحية لا تظهر إلى عند الحاجة إليها في وقت قوة الإنسان وجلده, وتثبيته لمهمات الأمور.
أما في حالة الصغر فلا تظهر اللحية ولله في ذلك حكمة, فلما كانت اللحية من المكملات للرجولة، الفارقة بين الرجال والنساء، جاء الشرع والقدر والفطرة لوجودها وإبقائها, وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفائها وإرخائها وتوفيرها, وقال عليه من الله أفضل الصلاة والسلام: {خالفوا المشركين وفروا اللحاء وحفوا الشوارب} فهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام قد هدوا إلى الفطرة, فكانوا يوفرون لحاهم, وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم, وأصحابه الكرام؛ فإنهم على النور المبين والصراط المستقيم، وليس بقاء اللحية من الأمور العادية كما يظنه البعض من الناس, وإنما بقاء اللحية من الأمور التعبدية الواجبة، حتى يقوم دليل على خلاف ذلك، قال تعالى: {فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:63] ما هي الفتنة؟ الفتنة في الدين هي: رد الحق, ورد قول المصطفى صلى الله عليه وسلم, وقد يرد المرء أمر النبي صلى الله عليه وسلم فيذيب قلبه فيهلك والعياذ بالله!
والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعفاء اللحية, وأمر بمخالفة المشركين, فإذاً هو فرض وليس كما يظنه ويحتج به بعض الجهال, أن من المشركين الآن من يعفي اللحية, فإننا نترك اللحية, ونترك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفائها من أجل أن بعض المشركين يعفيها, وهذا فهم خاطئ؛ لأن المشرك هو الذي يتشبه بنا ولسنا نحن المتشبهين به.