الحمد لله الذي فطر الخلق على ما تستحسنه العقول, وأيد ذلك بما أنزله على الرسول, ففطرة الله التي جبل الناس عليها أمرهم بها تعبداً وثواباً, وما ربك خالقٌ خلقَه عبثاً.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، المبعوث بالحنيفية السمحة ملة إبراهيم الخليل, الذي اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم, صلى الله عليه وعلى نبينا وعلى من سار على نهجهم القويم وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فيا عباد الله! اتقوا الله عز وجل, وأقيموا وجوهكم للدين حنيفاً متمسكين بالفطرة التي فطر الناس عليها, وهي الطهارة الباطنة, والطهارة الظاهرة.
فأما الطهارة الباطنة فهي: تطهير القلب من الإجرام وإخلاص العبادة لله وحده والقيام بالأعمال الصالحات.
وأما طهارة الظاهر: فمنها ما حث عليه صلى الله عليه وسلم بقوله: {عشر من الفطرة: الأولى: قص الشارب, والثانية: إعفاء اللحية, والثالثة: السواك, والرابعة: الاستنشاق بالماء, والخامسة: قص الأظافر، والسادسة: غسل البراجم, والسابعة: نتف الإبط, والثامنة: حلق العانة, والتاسعة: انتقاض بالماء -يعني: الاستنجاء-، قال الراوي: ونَسِيْتُ العاشرة إلا أن تكون المضمضمة}.
في الحديث بيان لكمال الشريعة الإسلامية, واهتمامها بما يعود على المسلم من المصالح الكبيرة في الدين والدنيا والآخرة؛ فهذه الأشياء العشرة كلها طهارة وتنظيف يقضي بها العقل السليم, ويحث عليها, فمنها: