Q إن الدعاء في صلاة الفريضة لا يجوز للوالدين، والقرآن لا يجوز أن يُجعل ثواب الختمة لوالديه، وإذا بدأ يطوف بالكعبة، لا يجوز أن يجعل ثواب السبع لوالديه! أفيدونا.
صلى الله عليه وسلم أما الدعاء في الصلاة فلا بأس أن يكون لنفسه ولوالديه، الدعاء مطلوب للوالدين وللمسلمين، فإذا دعا في الصلاة في سجوده، أو في آخر الصلاة لنفسه أو لوالديه فلا بأس، بعض العامة يظن أن الدعاء يكون له وحده، وهذا تحجُّيرٌ لواسع، بل يدعو لنفسه ولوالديه وللمسلمين، في الصلاة وغيرها، في السجود، وفي التحيات، وفي الفريضة، وفي النافلة، كل هذا لا حرج فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح: (أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء) .
وقال عليه الصلاة والسلام: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمنٌ أن يستجاب لكم) ولم يقل: في النافلة فقط، بل عمَّم، وعندما علم أصحابه التحيات قال: (ثم ليختر من الدعاء ما أعجبه ثم يدعو) ، هكذا قال في الصحيحين من حديث ابن مسعود، عندما علمه التشهد، قال: (ثم ليختر من الدعاء ما أعجبه ثم يدعو) ، ولم يقل: لنفسه، فإذا قال: اللهم اغفر لوالدَيَّ، أو اللهم اقض حوائج المسلمين، أو اللهم انصر دينك، أو اللهم وفق ولاة أمر المسلمين، هذا كله طيب، أما ما يقوله بعض العامة أنه لا يدعو إلا لنفسه، فهذا قول لا أساس له.
وأما تثويب القراءة في الطواف للوالدين، أو لغيرهم من المسلمين، فهذا محل خلاف بين العلماء: بعض أهل العلم يرى أنه لا بأس به، ويقول: إن هذا من جنس الضحية عنه والصدقة عنه، يجوز الدعاء لهم، وهذا قول الأكثرين، إذ لا بأس أنه يطوف عن الميت ويثوب له الطواف، ويثوب له الصلاة، ويثوب له القراءة، لا بأس.
وقال آخرون من أهل العلم: الأولى أنه يقتصر على الوارد، مثل: أن يصوم عن الميت إذا كان يصوم، ومثل الحج عنه، ومثل الدعاء له، ومثل الصدقة عنه، هذا هو الوارد، ومن أراد القراءة له، أو الصلاة أو الطواف، فهذا ما ورد، فتركه أولى.
وهذا قولٌ حسن، ولكن لا نقول بالتحريم، نقول: أحسن وأولى، ولا ينبغي التشديد في هذا، لكن يقال: هذا أولى، كونه يقرأ لنفسه ويدعو لوالديه يطوف لنفسه ويدعو لوالديه في الطواف يصلي لنفسه ويدعو لوالديه في الصلاة، هذا طيب، أما أن ينوي الصلاة عن والديه، أو قراءة عن والديه، أو يطلب ثواب صلاته لوالديه، أو ثواب قراءته، هذه لا أصل لها واضح، ولا دليل عليها واضح، وأكثر العلماء قاسوه على الصوم عن الميت، والحج عن الميت، وأنه عن العاجز، والصدقة عن القاصر، وهذا على هذا، وقالوا: إن هذا مثل هذا.
وبعض أهل العلم قال: لا وجه للقياس في هذا، والأولى عدم القياس، وأن يُقتصر على الوارد، وهذا أحسن إن شاء الله، ولكن لا نقول: إنه يحرم، أو إنه باطل، لا.
لكن نقول: هذا أولى، والاقتصار على الوارد أولى وأحسن وأحوط.
والله أعلم، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.