وأما فتن الشبهات، فأشد وأخطر فإن الإنسان بسبب الشبهة كثيراً ما يخرج عن دينه بين وقتٍ وآخر، يصبح مؤمناً، ثم تعرض له شبهة في جريدة أو في كتاب أو من طريق مجادل ومناظر ومخاصم فيضل ويخرج عن دينه بسبب ذلك.
- والشُّبَه أنواع متنوعة: بعضها يتعلق بالله سبحانه.
وبعضها يتعلق بالرسل عليهم الصلاة والسلام.
وبعضها يتعلق بالقرآن.
وبعضها يتعلق ببعض الواجبات.
وبعضها يتعلق ببعض المحرمات إلى غير ذلك.
فلا يزال به أعداء الإسلام يجادلونه، ويبذرون في قلبه بذور الشر، ويشككونه في دينه، ويقولون: لِمَ كذا؟! ولِمَ كذا؟! ولِمَ شُرِع كذا؟! ولِمَ صار كذا؟! وأين كذا؟! وأين الدليل على كذا؟! حتى يضل عن دينه، وحتى يهلك بجهله بالله، وجهله بدينه، ولاستيلاء هذه الشبه على قلبه، حتى لا يجد لها دافعاً من قلبه، ولا يجد لها حالاًّ ومنقذاً من مجالسيه، ومن أصحابه الذين يسمع لهم ويثق بقولهم؛ لأن الأصحاب والجلساء يغلب عليهم في هذه الأوقات الأخيرة الجهل وقلة العلم، ويغلب عليهم أيضاً إيثار الشهوات، وحب العاجلة، والإعراض عن الدين، واستثقاله؛ لأن دين الله يقيدهم عما حرم الله، وهم يجدون في الدين ما يقيدهم عن الزنا، وما يمنعهم من شرب المسكرات، وما يمنعهم من أخذ المال بغير حق بالرشوة، والخيانة، والغش في المعاملة؛ فلهذا يستثقلون الدين، ويودون التملص والتخلص منه، حتى يشبعوا رغباتهم من هذه الشهوات المحرمة.
فهذه كلها فتن، حذر منها النبي عليه الصلاة والسلام فتن الشبهات، وفتن الشهوات، وفتن القتال، وأسباب القتال، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (بادروا بالأعمال الصالحة فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً، ويُمسي كافراً، ويُمسي مؤمناً، ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا) والعياذ بالله!