ومن أخلاقهم العظيمة: التواضع، وعدم التكبر؛ تأسياً بإمامهم وسيدهم محمد عليه الصلاة والسلام، فالعلماء هم أكثر الناس تواضعاً، اقتداءً بإمام المتقين وسيد المرسلين عليه الصلاة والسلام، فقد كان صلى الله عليه وسلم أكمل المتواضعين، وكان لا يستأنف ولا يستنكف أن يمشي مع الأرملة والمسكين حتى يقضي له حاجته، عليه الصلاة والسلام.
وهكذا أهل العلم يتواضعون في طلب العلم، وإبلاغ العلم، وفي قضاء الحاجة للمسلمين، وبذلك نالوا المراتب العالية، والدرجات الرفيعة.
يقول مجاهد رحمه الله وهو تابعي جليل: [لا يتعلم العلم مستحٍ ولا مستكبر] ، ذكره البخاري رحمه الله تعليقاً وتبويباً، وقد صدق في ذلك.
فجدير بالعالم وطالب العلم أن يكون هكذا حريصاً على طلب العلم، متواضعاً في ذلك، لا يمنعه الحياء من أن يتفقه في الدين، ولهذا قالت أم سليم رضي الله عنها في الحديث الصحيح: (يا رسول الله! إن الله لا يستحيي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، إذا هي رأت الماء) ، فقدَّمت هذه المقدمة قبل سؤالها: (إن الله لا يستحيي من الحق -ثم سألت- فقالت: يا رسول الله! هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، إذا هي رأت الماء) ، أي: المني، وهكذا الرجل إذا رأى الماء في نومه، ليلاً أو نهاراً، وهكذا إذا خرج المني عن شهوة في غير النوم، مثل: التكفير، أو النظر، أو الملامسة، فعليه الغسل أيضاً.
والمقصود من هذا أن الحياء لا ينبغي أن يَمنع من العلم، ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها عند سماعها كلام أم سليم: [نِعْم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين] .
فلا ينبغي أبداً لمؤمن ولا لمؤمنة أن يمنعهما الحياء من التفقه في الدين، والسؤال عما أشكل، عن طريق الكتابة، أو الهاتف، أو أي طريق.