Q إنني يا فضيلة الشيخ إنسان مؤمن بالله والحمد لله على ذلك؛ فالصلاة أقوم بها، والصوم كذلك، والعمرة، فقد اعتمرتُ حتى الآن ثلاث عشرة مرة، وعمري تسع عشرة سنة، ومنذ نحو ست سنوات مضت كنت أقوم بشيء لا يرضي الله ولا رسوله، وهو والعياذ بالله اللواط والعادة السرية، ففي عامنا الفائت وفي إجازة الربيع (1404هـ) ذهبنا إلى مكة لأخذ عمرة، فصممتُ التوبة إلى الله من هاتين العادتين السيئتين، فتبتُ، ولله الحمد على ذلك، فلما أتى رمضان في نفس العام، أخذتُ عمرةً أيضاً ومشكلتي حينما انتهى رمضان عدتُ للعادة السرية فقط ولم أرجع للواط، وحينما دخل عامنا (1405هـ) وبدأت اختبارات نصف السنة التي قد مضت منذ ما يقرب الشهرين عُدت والعياذ بالله إلى عادة اللوط، وتركتُها، وأود من فضيلتكم الإفتاء في ذلك، وإفادتي أفادكم الله، حتى أتوب إلى الله توبة نصوحاً، وكيف الطريق إلى ذلك؟
صلى الله عليه وسلم الله جلَّ وعَلا حرَّم علينا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأوجب علينا التوبة النصوح من جميع الذنوب، فقال سبحانه وتعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:31] وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً} [التحريم:8] وقال سبحانه: {أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة:74] هذه الآيات وما جاء في معناها كلها تدل على وجوب التوبة، وأنه سبحانه وتعالى قد فتح أبوابها ويسرها لعباده، فعليك أيها السائل أن تتقي الله، وأن تجزم بالتوبة وتصدق بالتوبة، وأن تبتعد عن نقضها، وأن تحذر مكائد الشيطان، فإن الشيطان عدو مبين، وله نواب من الإنس يدعون إلى الفواحش والمنكرات ويحببونها، ويحببون نقض التوبة، ويقولون: إن الله غفور رحيم، إن الله تواب حكيم، إن الله كذا، إن الله كذا، حتى يوقعوك فيما حرم الله، وقد ينزل بك الأجل وأنت على معاصي الله سبحانه وتعالى، فيحال بينك وبين التوبة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فالواجب عليك أن تجزم على التوبة، وتصدق في التوبة من اللواط ومن العادة السرية، هذان محرمان، واللواط أعظم وأشنع؛ لأن اللواط من كبائر الذنوب، ومن أعظم الجرائم، وقد جاء في الحديث: (لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط) ، وقال الله في كتابه العظيم عن اللوطية: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت:28] فأخبر أن اللوطية ما سبقهم أحد، قوم لوط، لم يسبقهم أحد بهذه الفاحشة ممن قبلهم، نسأل الله العافية، وفي الحديث: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به) وقد أجمع علماء الصحابة رضي الله عنهم على أن اللائط والملوط به يُقتلان إذا كانا مكلَّفَين؛ لأنها جريمة أشنع من جريمة الزنا، والعياذ بالله.
فيجب الحذر والتوبة الصادقة، والبُعد عن أسباب ذلك، وعن مخالطة من يدعو إلى ذلك، أو يجر إلى ذلك، أو تتوق النفس إلى فعل ذلك معه، يجب الحذر من أولئك، فإن صحبة الأشرار من أعظم أسباب الشر، ومن أعظم دواعي الشر، فيجب البُعد عن صحبة الأشرار، ويجب الحرص على صحبة الأخيار، مع سؤال الله الثبات والتوفيق للاستقامة على التوبة، وعدم نقضها.
وهذا العادة السرية عادة قبيحة ومنكَرة، قال الله فيها وما في معناها: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون:5-7] أي: ظالمون، والعادة السرية غير الزوجة وغير ملك اليمين، فتكون من العدوان والظلم، وفيها مضار كثيرة كما بين أهل العلم، وبيَّن أهل الطب.
فيجب عليك الحذر منها؛ لأنها عادة سيئة منكَرة، فإياك وإياها، واحذرها، واحذر من يشير بها، أو يدعو إليها.
نسأل الله لنا ولك الهداية، والثبات على الحق، والصدق في التوبة.