إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونثني عليه الخير كله، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، بعثه بالهدى ودين الحق، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها الإخوة في الله: أشكر الله عز وجل على أن أتاح لي هذه الفرصة في هذا البيت من بيوت الله؛ لنلتقي بهذا الجمع الكريم الطيب المبارك، ثم أشكر الإخوة في مكتب الدعوة بـ الرياض والقائمين عليه على دعوتهم، وإتاحتهم الفرصة لي للتحدث إليكم في موضوعٍ أحسبه من المواضيع المهمة، والتي لا شك أنكم سمعتم بها، واطلعتم على كثيرٍ من جوانبها ومباحثها، ولكن لابد من التذكير، وأؤكد لكم أن ما تسمعونه إنما هو تذكير، والذكرى تنفع المؤمنين، والتذكير لا يلزم منه أن يأتي المتحدث بجديد، وهذا التذكير هو تذكير في باب عظيم باب الدعوة إلى الله عز وجل التي هي وظيفة الرسل، ويحصل كذلك -أيضاً- التذكير بها ونحن في هذه الأجواء والظروف التي تجري في الساحة الإسلامية -إن صح التعبير- من أمور تقتضي وقوفنا جميعاً، والتحدث فيما ينبغي التحدث فيه، والخوض في مثل هذه القضايا؛ حتى نكون على بصيرة من أمرنا، وحتى نتلمس طريقنا في مثل هذا الاجتماع المبارك، وفي مثل هذه المذاكرات في الأمور المهمات التي يهتم بها هذا المكتب ونظراؤه في مدن بلادنا الحبيبة.
والموضوع الذي اختير الحديث عنه عنوانه: (نظرات في الدعوة ومسالك الدعاة).
هذا الموضوع دعا إليه -في تقديري- ما يلحظ في الساحة من نشاط يقوم به رجال أفاضل يدعون إلى الله، ويلاقون في دعوتهم ما يلاقيه من يقوم بمهمتهم في الماضي والحاضر، فهي سنة الله في الحاضرين والغابرين، والدعوة إلى الله هي طريق المرسلين، وقد لاقى أنبياء الله في ذلك ما لاقوا من العنت والصدود والإباء والاستكبار من لدن فئاتٍ كثيرةٍ وطبقات كبيرة من الملأ الذين استكبروا: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:108].