إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونثني عليه الخير كله، نشكره ولا نكفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا أشرك به أحداً، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله بشر وأنذر، وبلغ البلاغ المبين، فكرم رسولاً، وشرف عبداً، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أنوار الدجى، ومصابيح الهدى، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم واهتدى.
أما بعد:
فاتقوا الله أيها الناس! فتقوى الله حبل متين، ونور مبين حبل ما له انفصام، ونور تستضيء به القلوب والأفهام {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الحديد:28].
أيها المسلمون! إن أنبياء الله أصحاب الرسالات الكبرى، والمسئوليات العظمى، يحملون قلوباً كبيرة، عظيمة المعاناة والمقاساة، حتى قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الشعراء:3].
إنهم يقاسون جهاداً كبيراً في سبيل الحق الذي ينشرونه، والدين الذي يبينونه، وإنهم في هذا أحوج ما يكونون إلى من يتعهد حياتهم الخاصة بالإيناس والمؤانسة والعناية والرعاية، وإن من حفظ الله لنبيه محمد وعنايته به وما أراد به من كرامته؛ أن هيأ له ما هيأ من أسباب ووسائل من هذا الباب.
وهذا حديث عن صورة أخاذة من العناية الإلهية في بيت النبوة المحمدية إنه استعراض لملامح امرأة نبيلة امرأة مؤمنة تجسد فيها كمال الأنوثة، وحسن التبعل، وحق المسئولية استعراض سيرة امرأة عريقة النسب، ممدودة الثروة، عرفت بالعقل والحزم والطهر وحسن الخلق نشأت في بيت من بيوتات الشرف والمجد والرئاسة.
إنها صورة من صور العناية الإلهية لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
تلكم هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية أم القاسم، وأم هند، سيدة نساء قريش، بل سيدة نساء زمانها.