لا أعدل ولا أصدق ولا أقوى من عدل شريعة الله، فهي مبنية على المصالح الخالصة، أو المصالح الراجحة، بعيدةٌ عن أهواء الأمم وعوائد الضلال، لا تعبأ بالأنانية والهوى، ولا بتقاليد الفساد، إنها لمصالح النوع البشري كله، ليست لقبيلة أو بلدٍ أو جهة: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [الشورى:15].
إن الإسلام صدق كله، وعدل كله، خبره صدق، وحكمه عدل: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنعام:115].
عدل الإسلام -أيها الإخوة- يسع الأصدقاء والأعداء، والأقرباء والغرباء، والأقوياء والضعفاء، والمرءوسين والرؤساء.
عدل الإسلام ينتظم كل ميادين الحياة ومرافقها ودروبها وشئونها في الدولة والقضاء، والراعي والرعية، والأولاد والأهلين.
عدل في حق الله، وعدل في حقوق العباد، في الأبدان والأموال، والأقوال والأعمال.
عدل في العطاء والمنع والأكل والشرب، يحق الحق ويمنع البغي في الأرض وفي البشر: {كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته} وفي الحديث الآخر: {ما من أحدٍ يكون على شيء من أمور هذه الأمة فلم يعدل فيهم إلا كبه الله في النار} أخرجه الحاكم وقال: صحيح الإسناد من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه.