الحمد لله القاهر فوق عباده عزاً وسلطاناً، تعالى مجده، وتعاظم ملكه، قسَّم الخلق بعدله ورحمته، فمنتحل كفراً، ومنتحل إيماناً.
أحمده سبحانه وأشكره، وأسأله المزيد من فضله وكرمه، والإعانة على ذكره وشكره، وحسن عبادته، فطوبى لمن ذُكِّر بآيات ربه فزادته إيماناً، وويل لمن ذُكِّر بها فخر عليها صُماً وعمياناً.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، دعا إلى الحق سراً وإعلاناً، فأشاد بالتوحيد منائر، وكسر للشرك أصناماً، وهدم أوثاناً، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، كانوا للدين دعاة وعلى الحق أعواناً، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها الإخوة: إن هذا المؤتمر مؤامرة صهيونية علمانية إلحادية دولية، يُمارَس من خلالها إرهاب حضاري على الأخلاق والأسرة، وحملة شرسة على ما بقي لأهل الإسلام من تفوق في سلاحهم البشري وحصنهم الأخلاقي، إرهاب حضاري، وتعسف دولي، حينما تحتمي التوصيات والمقررات بمظلة الأمم المتحدة؛ لتمارَس من خلالها الضغوط السياسية، والمحاصرات الاقتصادية، وتربَط بها المساعدات الدولية، وتعلو من خلالها صيحات التشريع الإعلامية.
إنهم وبكل صفاقة سوف يصفون المخالفين والممتنعين بالتحجر الفكري، والرجعية الدينية، والخروج على الإجماع الدولي، والتمرد على العالَم المتحضر.
إرهاب دولي حين تفرض الدول الكبرى بمنظِّريها الملاحدة رأيها، وتُملي أفكارها، وتفرض رؤيتها الخاصة على أمم الدنيا كلها في ديكتاتورية ضيقة.
لماذا يتخذون من أفكارهم الإلحادية المادية المنحرفة المصادمة لتعاليم الديانة الصحيحة، المناقضة للإيمان بالله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره؛ لماذا يتخذون منها ويجعلونها مسلَّمات متحضرة يجب أن يلتزم بها جميع دول العالم؟!
هذا هو حالهم، وحال الناس معهم: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30].
ألا فاتقوا الله رحمكم الله، واعتصموا بكتاب ربكم، واعملوا لدنياكم وآخرتكم.
ثم صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين أجمعين، نبيكم محمد الأمين، فقد أمركم بذلك ربكم فقال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين.
وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك، يا أكرم الأكرمين.