أيها الإخوة في الله: إن ربكم يخوفكم بالآيات والنذر، والشدة والنكال، زلازل وبراكين، ورياح وأعاصير، وحروب وفيضانات، يصيب بها من يشاء، ويصرفها عمَّن يشاء، وهو شديد المحال.
عباد الله: تفكروا رحمكم الله في حُكْم المولى وحِكْمته في تصريف الأمور، وتدبير الأحوال، ما أصاب العباد فبما كسبت أيديهم؛ ولكنه بفضله يعفو عن كثير: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر:45].
ومن أجل هذا: فارجعوا إلى ربكم، وتوبوا إليه، واستغفروه، وأحسنوا الظن به، واجعلوا الرجاء في مولاكم نصب أعينكم، ومحط قلوبكم، فربكم نعم المولى ونعم المرتجى، يغفر الذنوب، ويكشف الكروب، ولا يملأنّ قلوبكم اليأس من رَوح الله وفضله وإفضاله، فتظنون به ما لا يليق بجلاله وكماله، أليس هو الذي رزق الأجنة في بطون أمهاتها، رباها صغاراً، وغمرها بفضله كباراً؟! تراكمت الكروب فكشفها، وحلَّت الجدوب فرفعها، أطعم وأسقى، وكفى وآوى، وأغنى وأقنى، نعمه لا تُحصى، وإحسانه لا يستقصى، كم قصَدَتْه النفوس بحوائجها فقضاها؟! وانطرحت بين يديه ففرَّج كربها وأرضاها؟! سبحانه وبحمده! لا رب لنا سواه، ولا نعبد إلا إياه، لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه، هو ربنا ومولانا، وهو أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين.
فراجعوا أنفسكم -رحمكم الله- بالاعتراف بتقصيركم وعيوبكم، وتوبوا إلى ربكم مِن جميع ذنوبكم، ووجِّهوا قلوبكم إلى مَن بيده خزائن الرحمة والأرزاق، وأمِّلوا الفرَج من الرحيم الخلاق، فأفضل العبادة انتظار الفرج، واحذروا اليأس والقنوط، واجتنبوا التسخط والضجر، توبوا إلى ربكم من ذنوب تمنع نزول الغيث، وأقلعوا عن مظالم تحجب أبواب البركة، تعطَّفوا على فقرائكم بالرحمة والإحسان، أدُّوا الحقوق إلى أصحابها، وردُّوا المظالم إلى أهلها، قوموا بمسئولياتكم على وجهها، أحسنوا إلى الخدم والعاملين، واليتامى والمستضعفين، أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه، ولا تبخسوا الناس أشياءهم، ولا تأكلوا أجرهم ومرتباتهم، مرُوا بالمعروف وانهوا عن المنكر، وأصلحوا ذات بينكم، وأحسنوا تربية بناتكم وأبنائكم وبَرُّوا والدِيكم، وصِلُوا أرحامكم، أدُّوا زكاة أموالكم طيبةًَ بها نفوسكم، وتصدقوا من فضول أموالكم، واتقوا النار ولو بشق تمرة.
عباد الله: هأنتم قد حضرتم بين يدي ربكم، تبسطون إليه حاجتكم، وتشكون جدب دياركم، وذلكم بلاء من ربكم، فلعلكم إليه ترجعون، ومن ذنوبكم تستغفرون، فأقبلوا عليه وتقربوا بصالح الأعمال لديه، ابتهلوا وتضرعوا وادعوا واستغفروا، فقد ربط سبحانه في كتابه بين الاستغفار وحصول الغيث المدرار.
اقرءوا وصية نبي الله نوح عليه السلام لقومه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً} [نوح:10 - 12].
ووصية هود عليه السلام لقومه: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} [هود:52].
ولازموا الثناء على ربكم، وأكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم، الهادي البشير، سيدنا وإمامنا وقدوتنا، فالدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى يُصَلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الأثر.
اللهم صلَّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
اللهم صل على محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا.
اللهم اسقنا غيثاً، مغيثاً، هنيئاً، مريئاً، طبقاً، سحاً، مجللاً عاماً، نافعاً غير ضار، عاجلاً غير آجل.
اللهم تحيي به البلاد، وتغيث به العباد، وتجعله بلاغاً للحاضر والباد.
اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب، ولا هدم، ولا بلاء، ولا غرق.
اللهم اسقِ عبادك وبلادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحيِ بلدك الميت.
اللهم أنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، وأنزل علينا من بركاتك، واجعل ما أنزلته قوةً لنا على طاعتك، وبلاغاً إلى حين.
اللهم إنا خلق من خلقك، فلا تَمْنَعَنَّا بذنوبنا فضلك، اللهم إنا خلق من خلقك، فلا تَمْنَعَنَّا بذنوبنا فضلك، اللهم إنا خلق من خلقك، فلا تَمْنَعَنَّا بذنوبنا فضلك.
سبحان الله، عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا، رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.
اللهم ارفع عنا من الجوع والجهد والعري، واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه إلا أنت.
اللهم إن نستغفرك، إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً.
اللهم اسقنا الغيث، وآمِنا من الخوف، ولا تجعلنا آيسين، ولا تهلكنا بالسنين.
اللهم ارحم الأطفال الرُّضَّع، والشيوخ الرُّكَّع، والبهائم الرُّتَّع، وارحم الخلائق أجمعين.
اللهم يا ذا الجلال والإكرام، يا بديع السموات والأرض، يا حي يا قيوم!
لا تكلنا إلى أنفسنا، ولا إلى حولنا، ولا إلى قوتنا، فإننا فقراء إليك، محتاجون إليك، اللهم فارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، وأغث قلوبنا وديارنا.
اللهم أغدق علينا من كرمك العميم، واصبغ علينا من فضلك العظيم.
اللهم إنا نسألك البركة في أعمالنا وأعمارنا، وأولادنا وبلادنا، وأموالنا وأوقاتنا، وحروثنا وزروعنا، وتجاراتنا وصناعاتنا.
رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا، رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا، رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ، وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا، أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ.
اللهم انصر دينك وكتابك، وسنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحين.
اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء، والربا والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين!
اللهم آمِنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق والتوفيق والتأييد والتسديد إمامنا وولي أمرنا، وارزقه البطانة الصالحة، واجمع به كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين.
اللهم رد عنا كيد الكائدين، اللهم رد عنا كيد الكائدين، وعدوان المعتدين، واقطع دابر الفساد والمفسدين.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
عباد الله: اقلبوا أرديتكم تأسياً بنبيكم محمد صلى الله عليه وسلم، واجتهدوا في الدعاء، وألِحُّوا في المسألة، وأخلصوا، وأحسنوا، وادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، عسى ربكم أن يرحمكم؛ فيغيث القلوب بالرجوع إليه، والبلد بإنزال الغيث عليه.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.