عباد الله: وتأتي صلاة الليل والتهجد في الأسحار ليتجلى هذا الاتصال بالله العلي الأعلى في صورة من التعبد بهية بهيجة، فقد صح في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {أفضل الصلاة بعد الصلاة المفروضة صلاة الليل} أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولقد حكى الإجماع على ذلك غير واحدٍ من أهل العلم، والقدوة الأولى والأسوة العظمى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: {كان يقوم من الليل حتى تفطرت قدماه الشريفتان} مخرجٌ في الصحيحين.
أما في رمضان فكان يجتهد فيه ما لا يجتهد في غيره، وإذا دخل العشر أحيا ليله وأيقظ أهله وشد المئزر: {ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه} وربنا ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل فيقول: {أنا الملك من الذي يدعوني فأستجيب له؟ من الذي يسألني فأعطيه؟ من الذي يستغفرني فأغفر له؟}، وفي حديث عمرو بن عنبسة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن} بل إن في الليل ساعة لا يوافقها عبدٌ مسلم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة في صلاة الليل يحيى بها بإذن الله ميت القلوب، وتشحن بها فاتر الهمم، قربة إلى الله، ومنهاة عن الإثم، وتكفيراً للسيئات، ومطردة للداء عن الحسد، وفي الحديث: {عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم}.