أبو طلحة ينفق أحب ماله على أقاربه

وهذا أبو طلحة رضي الله عنه كان أكثر أنصاريِّي المدينة مالاً من نخل، وكان أحب ماله إليه بَيْرُحاء، مستقبلة المسجد، وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: {لما نزل قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:92] قام أبو طلحة فقال: يا رسول الله! إن الله يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:92] وإن أحب أموالي إليَّ بَيْرُحاء، وإنها صدقة لله، أرجو برها وذخرها عنده، فضعها حيث أراك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بَخٍ بَخٍ، ذاك مال رابح -أو رائح- وقد سمعتُ ما قلتَ، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين، قال أبو طلحة: أفعل ذلك يا رسول الله؟ فقَسَّمَها أبو طلحة في أقاربه وفي بني عمه}.

ووقف أبو بكر رضي الله عنه رِباعاً له بـ مكة على الفقراء، والمساكين، وفي سبيل الله، وذوي الرحم القريب والبعيد.

ووقف عثمان، وعلي، والزبير رضي الله عنهم أجمعين.

ووقف من أمهات المؤمنين: عائشة، وأم سلمة، وصفية، وأم حبيبة رضي الله عنهن.

وخالد رضي الله عنه احتبس أدْرُعَه وعتاده في سبيل الله.

يقول جابر رضي الله عنه: [[ما بقي أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له مقدرة إلا وقف]].

ويقول الإمام الشافعي رحمه الله: "لقد حفظنا الصدقات من كثير من المهاجرين والأنصار، لقد حَكَى لي عدد كثير من أولادهم وأهليهم أنهم لم يزالوا يلُون صدقاتهم حتى ماتوا، ينقل العامة منهم عن العامة، لا يختلفون فيه".

وسار من بعدهم الأغنياء والموسرون من المسلمين، فأوقفوا الأوقاف، وأشادوا الصروح، بنوا المساجد، وأنشئوا المدارس، وأقاموا الأربطة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015