إن ابن باز وأمثاله من العلماء والدعاة هم أكبر من المناصب، وأعظم من الألقاب العلمية؛ فالمنصب واللقب يشرف أن يضاف إلى ابن باز، أو إلى أمثاله من العلماء والدعاة وليس العكس: نُمُوا إليه فزادوا في الورى شرفاً ورب أصل لفرع في الفخار نمى فالمنصب يشرف بوجود ابن باز فيه، وأمثال ابن باز من العلماء والدعاة وليس العكس.
واللقب العلمي يشرف بأن يكون ابن باز أو غيره من حملته وليس العكس.
لا يضيف إلى ابن باز شيئاً أن نقول: أنه ولي القضاء، أو درس في كلية الشريعة، أو تولى هذا المنصب أو ذاك، بل هذه المناصب تكبر في عيوننا أن يكون ابن باز أو غيره تولاها، فقد كبرت كلية الشريعة بالرياض في عيوننا لما علمنا أن ابن باز درس فيها، ووطئت قدمه أرضها، كما كبرت في عيوننا الجامعة الإسلامية حين علمنا أن ابن باز كان نائباً لها ثم رئيساً، وقل مثل ذلك في الدعاة والعلماء، فهم لا يستمدون عظمتهم من مواقعهم؛ بل كل المسلمين.
العالم الإسلامي لم يعرف سماحة الشيخ محمد بن عثيمين لأنه مدرس في كلية الشريعة بالقصيم -مثلاً- كلا، أو أنه كان مدرساً في معهد عنيزة العلمي، بل عرفه بأنه الإمام الفذ الجهبذ الفقيه المفتي الداعية المصلح، فأصبحت هذه الأعمال أقل من عيار العلماء، وهي تشرف بهم وليسوا هم من يشرفون بها، وهكذا أمثالهم من العلماء، بل ربما يكون كثيرون لا يعرفون ما هي وظيفة فلان، ربما لو سألت كثيرين ماذا يعمل فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين مثلاً؟ أو ماذا يعمل فضيلة الشيخ عبد الله بن قعود؟ أو ماذا يعمل فضيلة الشيخ سفر الحوالي؟ أو ماذا يعمل فضيلة الشيخ عائض القرني؟ فربما وجدت كثيرين لا يعرفون هذا؛ لكنهم يعرفون هذه الأسماء اللامعة المجاهدة من خلال جهادها، وبلائها، ودروسها، ومحاضراتها، وتأثيرها في القريب والبعيد، والقاصي والداني، وقد أصبح المسلم يتناول هذه الأسماء على أنها رموز كبيرة للدعوة إلى الله، والعمل، والعلم، والتعليم، والجهاد، والصبر فهذا ملحظ مهم.