انتشار المخدرات مع الوعيد العظيم على تعاطيها

الأمر الأول: كيف تطور استخدام هذه السموم من كونه حالات فردية نادرة قليلة إلى كونه ظاهرة عامة منتشرة أصبحت اليوم هي الهم الأكبر لدى جميع دول العالم، فما من دولة إلا وهي تنادى بحرب المخدرات، حتى تلك الدول التي تتغاضى عن مروِّجي المخدرات وصانعيها وزارعيها، فإنها تعلن حربها على المخدرات، والمؤسسات العالمية الكبرى كالأمم المتحدة وغيرها توجد فيها لجان خاصة لمكافحة المخدرات والقضاء عليها وللمسلمين نصيبهم من هذا الأمر؛ فإن تضررهم بانتشار هذه المخدرات هو أعظم من تضرر أي شعب آخر، لأنهم أمة يقوم وجودهم على أساس الإيمان والإسلام والالتزام الأخلاقي والسلوكي، فضررهم من انتشار هذه المخدرات هو أعظم من ضرر غيرهم من الشعوب الأخرى، أقول نلحظ كيف انتشرت وتطورت هذه المخدرات من كونها ظاهرة فردية قليلة إلى أن أصبحت ظاهرة عامة.

ثم تذكر الحديث الذي رواه البخاري ومسلم - رحمهما الله - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى فيه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بسُمٍّ فسُمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه - أي: يطعن بها بطنه - في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً} وهكذا نجد هذا الوعيد الشديد على من يقتلون أنفسهم، سواء بالانتحار من خلال السقوط والتردى من القمم الشاهقة والمباني المرتفعة، أم من خلال قتل أنفسهم بالنار والسكاكين وغيرها، أم من خلال قتل أنفسهم من خلال هذه المخدرات التي يتعاطونها بأيدهم طوعاً واختياراً، والوعيد جاء رهيباً كبيراً: {فسُمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً} وكل إنسان مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر حين يسمع هذا الحديث تصيبه قشعريرة من هذا الوعيد العظيم، في هذا الحديث الذي رواه البخاري ورواه مسلم أيضاً، وهو وعيد يوحي بأن المتعاطين لهذه السموم الفتاكة المؤدية إلى الموت يتعاطونها في نار جهنم خالدين فيها أبداً، وهو وعيد شديد، لا أتصور وعيداً أعظم منه، وينبغي أن نبقي هذا الوعيد بهيئته وجلاله وتأثيره كما تحدث به رسول الله صلى الله عليه وسلم المبلغ عن الله عزوجل {من قتل نفسَه بسُمٍّ فسُمُّه في يده يتحسَّاه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً} .

مع أننا نعلم جميعاً أن معتقد أهل السنة والجماعة الذي أجمعوا عليه أن مرتكب المعاصي والكبائر لا يخرج من الإسلام وإن وقع فيها؛ ما دام يعترف بأنها محرمة، فهو مسلم مهما ارتكب من المعاصي والكبائر والموبقات، فلا يخرج من الإسلام بهذه المعاصي، لكن بقاء هذا الوعيد على هيئته أبلغ في النفوس وأقوى في التأثير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015