الرحمة بالمؤمنين

نحن بحاجة إلى داعية يملك قلباً يحترق على واقع الإسلام والمسلمين، وعلى أوضاع الأمة في مشارق الأرض ومغاربها؛ وبحاجة إلى داعية يعطف على إخوانه المسلمين، ويحقق قول الله جل وعلا: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح:29] ولا يكون شأنه كما حدث للخوارج في الدهر الأول؛ حين كانوا رحماء، لطيفي المعاملة مع المشركين، أشداء على الموحدين، كما ورد في وصف النبي صلى الله عليه وسلم لهم: {إنهم يقتلون أهل الإيمان، ويدعون أهل الأوثان} .

فإذا جاءهم رجل من المؤمنين؛ بل من الصحابة كما حدث لـ عبد الله بن خباب حين سألوه: من أنت؟ قال: أنا عبد الله بن خباب، فاختبروه في أمور معينة، فوجدوه لا يوافقهم على مذهبهم الكاسد الفاسد، فقتلوه؛ بل وردت رواية بشعة جداً في بقرهم لبطن زوجته، واعتدائهم عليه وعلى أولاده، فلما مر بهم رجل، قالوا: من أنت؟ قال: أنا رجل من أهل الكتاب! فقالوا: خلوا سبيله، فتركوه لأنه كتابي.

فكان المسلم -أحياناً- يحتال للخلاص منهم إذا سألوه، قال: أنا من أهل الكتاب، فيتركونه! وهذا من الخطأ، والصواب: أن المؤمن ينبغي أن يكون شديداً على الكفار رحيماً بإخوانه المؤمنين، ويحقق -أيضاً- قول الرسول عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح} {المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه} .

لو جلسنا نتحدث عن دلالات هذين الحديثين لوجدنا لفتات، ووقفات عظيمة جداً من خلال تعبير الرسول عليه الصلاة والسلام {في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد} لكن ليس هذا هو مجال الحديث، فأترك هذا الموضوع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015