أهمية الأخلاق

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم لا سهل إلا ما سهلته، وأنت إذا شئت جعلت الحزن سهلاً، إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:70-71] .

أما بعد: إخوتي الأحباب: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكتب الله لنا ولكم هذه الخطوات التي نرجو أن تكون في سبيل الله جل وعلا، فما من خطوة يخطوها العبد إلى طلب علم، أو دعوة، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، بنية صادقة، إلا وهي مكتوبة له، {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس:12] .

أيها الإخوة: الأخلاق في الإسلام تتبوأ أعظم المواقع، حتى أن نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام يقول: {إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق} وفي لفظ: {إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق} والحديث رواه مالك في الموطأ، وابن سعد، وغيرهم وهو حديث حسن، فحصر النبي صلى الله عليه وسلم المهمة التي بعث بها في هذه الكلمات (لأتمم صالح الأخلاق) أو (مكارم الأخلاق) .

فإذا فهمنا أن المقصود بالأخلاق تعامل العبد مع الله، ومع الخلق، فلا إشكال في الحديث مطلقاً؛ لأن هذا هو الدين كله، أن يحسن الإنسان المعاملة مع ربه، ومع الخلق، وإذا فهمنا الأخلاق بالمعنى الأخص الذي هو: حسن المعاملة مع الناس، فحينئذٍ يكون الحديث لبيان عظيم قدر الأخلاق، فهو كقوله صلى الله عليه وسلم: {الحج عرفة} أو {الدين النصيحة} .

ليس المقصود حصر الحج في مكان، أو حصر الدين في النصيحة، كلا؛ بل إشارة إلى عظيم مكانة عرفة، في الحج؛ لأنها أعظم ركن فيه، ولعظيم موقع النصيحة في الدين، والحديث -على أي المعنيين- فيه دلالة قوية جداً على عظمة الأخلاق في الإسلام، ومن هذا المنطلق فكل مسلم داعية كان أو غير داعية، ينبغي أن يلتزم بأخلاق الإسلام.

لكن يكون الواجب على الداعية بصفة أخص أن يلتزم بهذه الأخلاق، فإذا كان المسلم العادي مطالباً بالتحلي بالأخلاق الفاضلة، فما بالك بمن يرفع لواء الدعوة إلى الله، ويكون مبلغاً لشريعة الله، ودينه إلى الناس، إن الأنظار إليه أكثر، والتطلع إليه أعظم، ونقده إن أخطأ أشد.

ولذلك فالتزامه بالخلق الفاضل من ألزم اللوازم، وأكثر الأمور ضرورة.

أيها الإخوة إنني لو تكلمت عن الأخلاق التي يجب أن يلتزم بها الداعية، فإن هذا الحديث يبدأ ولا يكاد ينتهي؛ ولهذا رأيت أن من المناسب في هذه المحاضرة أن أختار مجموعة من الأخلاق، التي هي من جانب مهم، وربما تكون أهم من غيرها، ومن جانب آخر يخطأ فيها الكثير من الناس، وخاصة من الدعاة، حتى تتركز هذه المحاضرة في مجموعة من الأخلاق التي يجب الالتفات إليها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015