إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ثم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الأولى أداء، والثانية قضاء، لأن عدداً من الإخوة قالوا: إنهم كانوا ينتظرون تسليمي عليهم في المجلس السابق، ولكنني ذهلت عن ذلك، فأسلم عليكم تسليما دائما يدوم معكم حياتكم، ويدخل معكم قبوركم، وأسأله تعالى أن يرحمنا جميعا رحمة يعفو بها عن ذنوبنا، ويدخلنا بها في رضوانه وجنته، إنه على كل شيء قدير، كما أسأله أن ينزل علينا من غيثه وبركته وجوده جل وعلا ما يجعلنا سعداء في هذه الدار وفي دار القرار.
أما بعد: فهذه الجلسة هي حول التنصير في العالم الإسلامي، وبعنوان: (التنصير يجتاح العالم الإسلامي) وقبل أن أدخل فيما أريد، كتب إليّ أحد الشباب ورقة يقول فيها: إنك انتقدت فيها المصطلح الشهير (التبشير) ثم إنك استخدمته أثناء المحاضرة، وقلتَ: (إنه من الوسائل لإيقاف المد التبشيري وتهدئته) تعني: الدعوة إلى الله وهذا وَهْم أو سبق لسان حصل بسبب كثرة تداول هذه الكلمة، وهو خطأ سواء أصدر مني أم من غيري؛ فأستغفر الله تعالى وأتوب إليه.
ثم إن الأخ سألني سؤالاً طويلاً خلاصته: نحن مجموعة من الشباب، آذانا وأحزننا كثيراً ما يفعله النصارى بإخواننا المسلمين، ورأينا أن من وسائل مكافحة التنصير أن ندرس اللغة التي يتكلمون بها غالباً، وهي اللغة الإنجليزية في جامعاتنا هنا، على رغم ما فيها من بعض المواد أو بعض القصص الغرامية والأشياء التي تتنافى مع الإسلام؟
صلى الله عليه وسلم أقول: إنه مما لا شك فيه أن دراسة هذه اللغة أو غيرها من اللغات، بقصد استخدامها في الدعوة إلى الله عز وجل، أو مقاومة كيد النصارى وغيرهم من أعداء الدين، إنه من الواجبات التي ينبغي على المسلمين أن يسعوا إليها وأن يقوموا بها؛ فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فواجب علينا أن نتعلم لغتهم؛ لندعوهم إلى الله عز وجل ونحاربهم.
نحارب النصارى الذين يشوهون صورة الإسلام، لكن نتعلمها بقدر هذه الحاجة، وليس المقصود أن تتحول اللغة الإنجليزية وتعلُّمها إلى مجال للتفاخر والتنافس، وأن تكون لغة إلزامية في مدارس المسلمين، في مدارس الأولاد والبنات والذكور والكبار والصغار والأطفال، حتى ممن لم يكونوا يوماً من الأيام دعاة إلى الإسلام، بل أقول: إن من المؤسف أننا أحياناً نعتني بتعليم أولادنا اللغة الإنجليزية أكثر مما نعتني بتعليمهم الإسلام نفسه، وأي فائدة في أن يتعلم شباب المسلمين اللغة الإنجليزية، ثم لا يكونون عالمين بالإسلام ولا قادرين على الدعوة إليه، أما أن ينبري من شباب الإسلام المتحمسين من يتخصص في هذه اللغات، ويتعلمها بقصد الدعوة إلى الله ومقاومة كيد النصارى؛ فهذا أعتقد أنه مما لا يختلف عليه اثنان.
ثم إن هاهنا خبراً طريفاً نشرته بعض صحفنا المحلية في الثالث من شهر صفر من هذا العام يقول: إن كاهناً نصرانياً نيجيرياً دخل إلى قفص الأسد في حديقة الحيوانات في إحدى المدن في جنوب أفريقيا، ومعه نسخة من الإنجيل وحبل، وأراد -كما يتخيل- أن يري الناس معجزة سيصنعها بالإنجيل مع الأسد، ويجعل الأسد يستسلم له وينقاد، وكان الأسد نائما، فأخذ يشير له بالإنجيل ويصيح داعيا الناس لرؤية معجزته فاستيقظ الأسد منزعجاً، وأكل هذا القسيس!! هنيئاً مريئاً00 فالحمد لله.
وإذا كان هذا الخبر فيه مصلحة ففي المقابل فقد وقع في يدي شريط مصور قبل أسبوع ونظرت فيه فوجدت أن مما يؤسي ويؤسف أن في هذا الشريط المصور بعض جهود النصارى، وتبدو خلاله امرأة مسلمة في الأصل من إفريقيا، وهي تتكلم عن واقعها وأولادها وتدعو للنصارى وتقول: الله يبارك لنا في النصارى، الله يزيدهم، الله يبارك لنا فيهم، أربع سنوات كلها كنا تعبانين بعيالنا وأولادنا، حتى جاء هؤلاء النصارى وأنقذونا، الله يبارك فيهم ويزيدهم وتدعو لهم، فالله المستعان!