منهج ابن تيمية الدعوي والجهادي

السؤال الأخير وهو موجه لفضيلة الشيخ عبد الله بن حمود التويجري:

Q لماذا علماء هذا البلد يتبنون منهج الشيخ ابن تيمية في كل شيء ما عدا منهجه الجهادي؟

صلى الله عليه وسلم أنا سأجيب على هذا وأعقب هذه الإجابة بكلمة أخرى، لا أعتبرها تعقيباً وإنما أعتبرها زيادة ذيل من الذيول على بعض كلمات الإخوة أقول: إخوتي في الله، من يقول هذه المقالة لا نتهمه بالجهل, وإنما أقول لعله ذهل وإلا لما أخذ لبعض منهج الشيخ ورفض المنهج الآخر, وأنتم تعرفون أن شيخ الإسلام ابن تيمية كان واضحاً, فقد جاهد بالسنان وباللسان, فهاهو جاهد التتر كما جاهد المبتدعة, حتى أودع السجن بسبب هذا الجهاد, والعلماء العاملون يدعون إلى التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم, وبمن تأسى به, والله سبحانه وتعالى قد دعانا إلى ذلك؛ ورسول الله قد جاهد بلسانه وبسيفه والله سبحانه وتعالى يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب:21] , وشيخ الإسلام رحمه الله تعالى جاء في فترة من الفترات انتشرت فيها البدع, ووجد من يؤيد المنكرات, كما وُجِد أعداء للإسلام وفيهم قوة وفي المسلمين شيء من الذلة, فدعا رحمه الله إلى الجهاد وإلى مقاومة البدع, وما اكتفى بواحد من الأمرين عن الآخر, وكذا فعل الشيخ محمد بن عبد الوهاب عفا الله عنا وعنه.

ولعل من ينادون هذه المناداة لا ينظرون إلا بعين واحدة, فغفر الله لنا ولهم, ونسأل الله لنا ولهم البصيرة في الدين والدنيا معاً, وإلا فهذا الشيخ محمد بن عبد الوهاب عفا الله عنا وعنه وهم الذين ينادون -أيضاً- إلى اقتفاء أثره وآثار من سبقه إلى اقتفاء أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم, كلهم قد جاهدوا بجميع أنواع الجهاد باللسان, وبالقلم, وبالسيف, وبالمال, جاهدوا الأفراد, والجماعات, والمجتمعات أيضاً.

فلم يتغافل عن هذه الأشياء؟ أسأل الله لي ولهؤلاء الإخوة الهداية والبصيرة في ديننا ودنيانا.

أما الكلمة التي أحب أن أذيل بها على بعض الكلمات, فأولاً: لا أقول: هناك شيء من التشاؤم، بل -لله الحمد- والمنة, قد دعا إخوتي ومشايخي الأفاضل إلى التفاؤل، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الفأل ويكره الطيرة, وقد قال صلى الله عليه وسلم: {إن حقاً على الله ألاَّ يرفع شيئاً من أمر الدنيا إلا وضعه} وهذه أمريكا قد وصلت في زعمها إلى القمة، ومتى وصلت إلى القمة فهي بداية الانحدار, وقد أشار الشيخ سلمان إلى بداية انهيارها وذلك بالتزامات مالية كبيرة جداً.

أقول: عام 1991م حسب كلامهم بلغت المؤسسات التي أفلست في الولايات المتحدة الأمريكية فقط أكثر من (63) ألف شركة, أما الشركات التي أفلست في ألمانيا فقط بلغت اكثر من (50) ألف مؤسسة, وأما المؤسسات التي أفلست في بريطانيا فأكثر من (43) ألف مؤسسة, كلها أفلست ولكن مما يدعو للأسف أن بعض الأغبياء من أبناء الإسلام يشترون بعض المؤسسات وبعض البنايات بزعم دعم الاقتصاد الأمريكي أو الأوروبي! أما الثانية: فأنا أقول: العزة للإسلام وأهله؛ كما أخبر الله سبحانه وتعالى ولكن بشرط: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد:7] وقد ذكر الإخوة أن أمريكا تكفلت لليهود بالتفوق النوعي والكمي.

أقول: إن تكفلت لهم أمريكا فقد تكفل الله لنا, لكننا لم نقم بما طلب منا: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ} [آل عمران:160] .

لكن هذا النصر مشروط بنصر {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد:7] , فهل قمنا بنصر الله لنحظى بهذا النصر؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم: {لن يغلب اثنا عشر ألف من قلة} إذاً لم نؤتَ من جهة القلة وإنما أوتينا من قبل أنفسنا, وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في معركة من المعارك: [[إنما ينصرنا الله بطاعتنا له, وبمعصيتهم لله, فإن استوينا نحن وهم في المعصية كان لهم علينا فضل القوة]] .

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى من الأقوال والأعمال, وجعلنا وإياكم هداة مهتدين وصلى الله وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه وسلم تسليما كثيراً.

قال مقدم الندوة حفظه الله: وأخيراً: نشكر لمشايخنا الكرام تعبهم ومجيئهم وتحملهم هذه الجلسة الطويلة, التي أخذت من وقتهم الشيء الكثير, وأخذت من جهدهم الشيء الكثير, والتي كذلك أخذت من وقتكم الشيء الكثير, ولكن مرة أخرى أعتذر من المشايخ لإطالتنا عليهم, وأعتذر لكم أنتم لإطالتنا عليكم, فالفرص لا تتكرر، فأحببنا أن نستغلها في أقصى درجات الاستفادة من مشائخنا جزاهم الله خيراً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015