لا بد أن تكون الأسباب التي نواجه بها هذا المنكر أسباباً شاملة, فنواجه الفساد السياسي بجهاد سياسي, والفساد العقائدي بجهاد عقائدي, والفساد الاقتصادي بجهاد اقتصادي, والفساد الاجتماعي بجهاد اجتماعي, وكل لون من ألوان الفساد الموجود لا بد وأن نواجهه بالوسائل المكافئة له, ثم لا بد أن نكون عبر هذه الثغرات والثغور كلها نغالب قوة الخصم العنيد كافراً كان أو منافقاً, وننتزع الفرصة من براثنه انتزاعا, ً فكأنك الآن أمام أسد يلتهم شيئاً وأنت تريد أن تنتزع هذا الشيء من شدق الأسد، فليست القضية سهلة ميسرة.
والذي يتوقع أن الفرص في خدمة الدعوة تأتي سهله سمحة يسيرة, فهو واهم، لأن المسألة مسألة جهاد بهذه الأسباب والوسائل كلها.
وبغض النظر عن الكلام الذي سمعناه -قبل قليل- عن أهمية الجهاد، فهب أننا لم نؤمن بأهمية الجهاد وحاشى مسلماً ألا يؤمن بأهمية الجهاد, وقوارع القرآن تقرع أذنه، وربما لو قرأ إنسان سورة التوبة فقط, لرأى كيف أن الله عز وجل أمر بالجهاد, ونعى على المنافقين المتخلفين عنه, لكن هب أننا قصرنا وفرطنا هل تعتقد أن هذه القوة الكافرة والمواجهة لنا سوف تقعد وتتركنا؟ كلا, بل هي ستقاتلنا، فمن هو عدوك؟ إنه الكفر, إقرأ: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة:254] إذاً الكفر قرين الظلم, والكافر إذا استطاع أن يغلبك سيفعل, ويقتلك, وينتهك عرضك, ويأخذ مالك, ويحتل ديارك, ويحاول أن يمنع عنك حتى الهواء, والماء, والغذاء, وقد سمعت أن جنود الأمم المتحدة من الهنود ومن بعض الدول في أوكرانيا وبعض الدول السوفيتية؛ أنهم في يوغسلافيا ينهتكون أعراض المسلمات إلى جوار إخوانهم من نصارى الصرب, فشككت في هذا الأمر وكلمت أحد إخواننا من المشايخ الموجودين هناك, فاتصل بي البارحة وقال لي هذه المعلومات معلومات صحيحة مؤكدة، إن عدد المسلمات اللاتي انتهك الصرب أعراضهن ثلاثين ألف مسلمة, وإضافة إلى ذلك فإن جنود الأمم المتحدة يشاركون إخوانهم النصارى في الاعتداء على المسلمات البوسنيات.
فالكفر لا يرضى بالعدل أبداً, وحتى لو رضينا نحن بوضع السلاحِ فلن يضع هو السلاح, إذاً لا معنى لأن نتحدث هل الجهاد هجومي أو دفاعي؟ وهل نحن محتاجون أم لسنا محتاجين إليه؟ القضية: أن أمامك عدوٌ إن استطاع أن يأخذ منك العصا أخذها منك, ولو استطاع أن يأخذ القوة من عضلاتك ومن يدك لئلا تمتد فعل, ولو استطاع أن يمنع الهواء عن رئتيك فعل, فلا بد من مواجهة هذا الأمر بمثله, والذين يخالفون ويغالطون في ذلك يغالطون قول الله عز وجل في محكم التنزيل, الذي بيَّن أن الكافرين أعداء: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء:89] , وقوله سبحانه: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة:217] .
إذاً هي أحلام أن نعتقد أن الكفار سيرضون مثلاً بانتشار الإسلام بطريقة سلمية, وأن الإسلام سينتشر في أوروبا عن طريق الدعوة السلمية, والمراكز الإسلامية، والكتب والأشرطة؛ صحيح سيهتدي بهذا خلق كثير, ولكننا ينبغي أن نعلم أن هؤلاء الكفار ظلوا على كفرهم قروناً وسيوجد من بينهم من يتحمس للكفر ويدافع عنه, ويتهجم على الإسلام, ويشوه صورة الإسلام عقيدة وشريعة وأحكاماً, حتى تظل الأغلبية الساحقة من هؤلاء خصوماً معادين للإسلام.