Q ما هو المنهج الصحيح لطالب العلم، وماهي الصفات التي يجب أن يتحلى بها؟
صلى الله عليه وسلم أولاً: أن تخلص نيتك لله، فلا تجعل طلبك للعلم لتتصدر به، ولا لتشهر، ولا ليسافر الناس إليك، ولا أن يشار إليك بالبنان، ولكن اجعل طلبك للعلم.
كما قال مالك: [[اطلب العلم لوجه الله]] وكل ذلك سيحصل، والعالم إذا طلب وجه الله أعطاه الله الدينا، فهذا عبد الله بن المبارك لما جاء إلى مرو، كان الخليفة هارون الرشيد، قد جاء إلى مرو، فنظرت أمه وكانت في موكب هارون الرشيد -أم ولد- أن الموكب هنا، والناس كلهم قد انجفلوا إلى مكان آخر، وتزاحموا وارتفع الغبار وتقطعت النعال، وارتفع الصياح، فتعجبت، وقالت هل الناس لا يعرفون موكب الخليفة؟! موكب الخليفة يمينهم وهم قد ذهبوا شمالاً، فما الخطب؟! قالوا لها: هذا أمير المؤمنين في الحديث عبد الله بن المبارك قد قدم، فانجفل الناس إليه وتركوا الخليفة في الغبار، فإذا صحَّت نية العبد، وفقه الله ورزقه العلم النافع، ومكنه من قلوب الناس، وجعل علمه حجة له، لا حجة عليه.
ثانياً: لا بد من الصبر، وأنت تعود نفسك أن تثني ركبك، ولا تتعجل فإن الكثير من طلبة العلم يبدءون بهمم عالية، وحماس منقطع النظير، لكن إذا رأوا طول الطريق، انقطعت بهم الأسباب، وتراجعوا وتفرقوا فلا يصبر بالنهاية إلا القليل، فلا بد أن يوطن الإنسان نفسه الصبر على الطريق، وعدم العجلة.
الأمر الثالث: أن تزكي علمك، تزكيه بالعمل الصالح، فلا قيمة للعلم إلا بالعمل، وأي ثمرة لعلم لاينتفع به صاحبه؟! يقولون: لو كان حقاً لكان هو أول المستفيدين منه.
ومن زكاته أيضاً أن تبذله للناس لا تنتظر أن تكون كالإمام مالك حتى تعلم؛ لأننا لا نشترط أن تقيم حلقة عامرة، يأتي الناس إليها من كل مكان، لا، وإنما {بلغوا عني ولو آية} أدِ زكاة علمك، فالعلم ليس له نصاب، والزكاة واجبة في كل علم، ولو آية ولو حديثاً {بلغوا عني ولو آية} {نضر الله أمرأً سمع منا حديثاً فوعاه فبلغه فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه ليس بفقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه} وعليك أن تبدأ أولاً: بالقرآن، وهو أساس العلوم {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت:49] ثم تبدأ بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك تبدأ بصغار المتون، متن مختصر كالآجرومية في النحو، ومتن مختصر كالورقات في الأصول، ومتن مختصر في سائر العلوم الأخرى، وبعد ذلك تترقى في العلوم شيئاً فشيئاً، ولا بد أن يكون لك أشياخ تستفيد منهم، لا لتنسخ شخصيتك في هؤلاء، ولكن لتنتفع بهم وتراجعهم، وتسألهم وتتعلم منهم الأدب، والتربية والأخلاق، والسلوك والعلم.