إذا انصرف الإنسان مثلاً عن محاضرة، انصرف إلى التأليف، والتأليف فيه من الخير والبركة ما ليس في درس أو محاضرة أيضاً، لأنه أبقى منها! ونحن الآن لا نستذكر مثلاً من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله دروسه التي كان يعقدها في مسجد دمشق أو غيره، ولا جلساته التي جلسها في مصر أو سواها، إنما الذي بقي لنا من علم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هذه الكتب العظيمة التي دونها وسطرها وأملاها، فكتبها عنه تلاميذه، فهي التي بقيت عبر القرون وتلقاها عنه الناس، وانتفعوا بها أعظم انتفاع؛ فالتأليف من أعظم وسائل الدعوة وأجلها خاصة إذا لم يكن مجرد جمع من هنا ومن هنا، بل كان جمعاً واعياً ومستفاداً ومضافاً إليه ومناسباً للناس.