أهمية صلاح المجتمع

الأهمية الكبرى لصلاح المجتمع، هناك فرق بين المجتمع الصائم والمجتمع المفطر، ألم ترَ أنك حين تريد أن تصوم يوماً نافلة تجد التعب! لأنك تذهب إلى المدرسة فتجد الناس مفطرين، وتذهب إلى السوق فتجد الناس مفطرين، وتأتي إلى المنزل فتجد الناس مفطرين، وتذهب للمسجد فتجد الناس مفطرين، فتحس بأنك الوحيد، فيجد الإنسان ثقلاً في صوم النافلة، فمن يصم نفلاً يجد صعوبة فيه.

لكن إذا صام فريضة وجد أن أضعف الناس إيماناً يصوم؛ ويقول: الحمد لله لا أجد أي تعب؛ لأن المجتمع كله صائم؛ فهو إن ذهب إلى العمل وجدهم صائمين، أو ذهب للبيت وجدهم صائمين، في المسجد وجدهم صائمين، في السوق وجدهم صائمين، إلى أصدقائه وجدهم صائمين، كل المجتمع يصوم؛ ولهذا لا يجد الناس مشقةً في الصيام، وهذا أمر يشاهده كل إنسان، وهو أمر محسوس تماماً.

إذاً، هذا يكشف لك عن أثر المجتمع في صلاح الفرد وإعانته على القيام بالواجبات، ولذلك يجد المسلمون الذين يصومون -مثلاً- في بلاد الغربة صعوبة؛ لأن المجتمع لا يراعيهم، فالمجتمع غير صائم، وهو لا يراعيهم في برامجه، في أوقات الدراسة، في أوقات العمل، في أي شيء، فيجدون في ذلك مشقة وصعوبة لا يجدها المسلم الذي يصوم في مجتمع صائم.

وهذا يصدق على كل القضايا السلوكية الأخرى، فالإنسان حينما يبحر -كما يقال- ضد التيار يجد صعوبة أن يسبح ضد التيار، إذا مشى أمتاراً دفعه التيار إلى الوراء عشرات الأمتار، إذا كان المجتمع فاسداً فكيف للإنسان أن يتعفف ويتطهر ويصلح ويستقيم؟ يكف بصره عن الحرام، يكف سمعه عن الحرام، يكف لسانه عن الحرام، لا يأكل إلا حلالاً! أنى له بذلك والمجتمع من حوله كله يقول له: هيت لك تعال؟! وهذا يؤكد على أهمية أن نكون كلنا يداً تعمل على وقاية المجتمع وإصلاحه وحمايته من ألوان الفساد الذي يراد به.

يا أخي! الذي يبذل مجهوداً بسيطا لمحاولة منع المجلة الخليعة من بقالة الحي -هذا نقول له: جزاك الله خيراً! والذي يبذل مجهوداً آخر لمحاولة منع التدخين في مكان ما -نقول له: شكر الله لك! والذي يحرص على إخراج جهاز التلفزة من البيت وقاية للأسرة -نقول له: أحسنت أحسنت! جهد مبرور! والذي يحرص على أن يكون مجتمع المدرسة -مثلاً- مجتمعاً صالحاً يتنفس فيه الطلاب هواءً طلقاً نظيفاً نقول له: نعم ما فعلت! ونعم ما قدمت للإسلام وللمسلمين! وهكذا ينبغي أن نكون كلنا يداً تعمل ليكون الهواء الذي يتنفسه أبناؤنا في المجتمع هواءً نظيفاً، والماء الذي يشربونه نقياً، والأكل الذي يأكلونه طيباً، وأعني بذلك أن نحرص أن يكون مجتمعنا مجتمعاً إسلامياً لا تقع عين الناشئ فيه على ما يسخط الله تعالى، وإلا فكما قيل: وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015