نحمد الله تعالى حمداً كثيرا طيباً مباركاً فيه، كما يحب ويرضى، فهو مستحق الحمد وأهله، وهو أهل التقوى وأهل المغفرة: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد:3] .
أحبتي الكرام ربما لا يسمح وقت هذا الشهر الكريم بمزيدٍ من العناية بمثل هذه المجالس، ولكن حسبكم وأنتم تعكفون في مثل هذا المكان الطيب أن تسمعوا اسم الله جل جلاله، فتذكروه وتوقروه وتحمدوه وتكبروه، أو تسمعوا اسم نبيه محمد، فتصلوا وتسلموا عليه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، فيكتب لكم بذلك أجر، ويرفع لكم به قدر، ويحط عنكم به وزر نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الأبرار الأخيار الأطهار أيها الأحبة: هذه جلسة رمضانية في هذه الليلة، ليلة الثالث من رمضان -ليلة الجمعة- في هذا المسجد في البدائع، وهذه الجلسة الرمضانية -أيها الأحبة- سوف أتحدث فيها على عجل وإيجاز مراعاة لظروفكم وأوقاتكم عن عدد من الدروس التي لا بد أن يخرج بها المسلم في رمضان، ثم أدع الفرصة إذا كان ثمة أسئلة يرى عرضها وطرحها للإجابة عليها.
فأول ما يقف عنده الإنسان وهو يتسامع بخير شهر رمضان هو أن يتعجب من سرعة مرور الأيام والليالي وكرورها، فما أن يودع الإنسان شهراً حتى يستقبل آخر، ويطوي من ذلك أياماً ثم أسابيع ثم شهوراً، وإذا بالعام الثاني يأتي وكأنه لمحة بصر أو خطفة برق! فسبحان من يرث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين! البرد يسلمك إلى حر، والحر يسلمك إلى برد، والعمل يسلمك إلى إجازة، والإجازة تسلمك إلى عمل، والشهر يسلمك إلى آخر، وهكذا أيام وليالٍ تمر وتكر، وإنما هي مراحل ينتقل الإنسان عبرها إلى قبره ومستقره إلى أن يأذن الله تعالى ببعث الناس من قبورهم: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:6] .