الزوجة الأولى (زوجة الطبيب) تعلن احتجاجها

هذه الرسالة جاءتني من إحدى الأخوات، تتحدث عن تعدد الزوجات، وقد رأيت أن أقرأ عليكم على عجل؛ لأن الأخت بليغة، وقد أفلحت الأخت في كتابتها، وفيها من براعة الأسلوب، وجودة التصوير، ما لا يستطيع الرجل أن يتكلم عنه؛ لأنها تتكلم من واقع زميلاتها ومن حولها، تقول: (كثر في هذه الأيام الدعوة من علماء المسلمين ومشايخهم، إلى الرجال عامة، طلب تعدد الزوجات، حيث أنه مباح، ومرغب فيه شرعاً لما في ذلك من مصالح جمة، تعود على المجتمع المسلم بأسره بكل خير، ولا نكران في ذلك -وهذا اعتراف من امرأة شابة تؤمن بالله تعالى القائل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36] ولكن الواجب علينا جميعاً أن نقول سمعنا وأطعنا- المشكلة في نظري كامرأة لا تكمن أن زوجي أو غيره سوف يأتيني بضرة، المشكلة ماذا سوف يكون حاله بعد هذا؟ كان قبل زواجه الثاني زوجاً لي فقط، وأباً لأبنائي فقط، ولكن بعد هذا الزواج أصبح لي نصف زوج، ولأولادي نصف أب، ولست واحدة في هذه المشكلة، ولكن أمثالي كثيرات جداً، الجميع يعترضن على الزواج الثاني؛ لأنه لا يقوم على العدل، ومع كثرة الدعوة إلى التعدد، إلا أن الدعوة إلى العدل قليلة، بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وإن كان الله تعالى يقول: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} [النساء:129] .

فإن رجال مجتمعنا فهموا هذه الآية على أنها قبولٌ لعذرهم، وتبرئة لهم من الذنب، وتزكية من عدم العدل، وإذا احتججنا عليهم بقول الله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:3] فإن الجميع يقول: أنا قادر على العدل، وهيهات هيهات أن يكون هذا الكلام صحيحاً، نحن نرى مآسي أسرية، يتمزق لها قلب من كان له قلب، ولو كان قلبه مثل الحجر، فمثلاً هناك في مجتمعنا من يغلق على أم أولاده باب المنزل، وكأنه لم يعش معها يوماً واحداً، وكأنه لم يعرف هؤلاء الأطفال من قبل! بل ويدعو عليهم بأقسى الدعوات! وهناك من يحطم الزوجة الأولى أمام الثانية، مما يصيبها بالذل والهوان، ويكسر قلوب أطفالها، يتسبب في حقدهم على والدهم! كأن يقول للزوجة الأولى: أنا ليس لي فيك رغبةً، إن أحببت البقاء مع أولادك أهلاً وسهلاً وإلا مع السلامة! لماذا هذا العرض في هذا الوقت المتأخر بالذات؟ لماذا لم يكن من قبل هذا الجمع الكبير من الأولاد؟ ضع نفسك في مكانها، ماذا سوف تختار من الخيارين المُرَّين؟ امرأة شابة وأم أطفال كثيرين، هل أذهب وأتركهم تلعب بهم العواصف، لا يجدون من يوجههم الوجهة السليمة أم أبقى معهم عرضة للفتنة! أخرج إلى السوق وأرى الرجال بغير إرادتي، أو أرى شاباً، أو أخا الجيران، أو أي شاب يجذبني، أنا شابة مثله، أريد زوجاً يعفني وفي مجتمعنا من يكون له مجموعة من الأولاد، ولا يعرف عنهم أهم الأشياء، أين يدرسون، وهل يصلون، وهل يصومون، وأين يذهبون، وهل البنات تستعملن الهاتف، وكيف يستعملنه، ومع من يتحدثن، وهل البنت تذهب للمدرسة حقاً، أم أين تذهب، ومن هي زميلاتها، وماذا عن تنظيم وقتها ماذا وماذا وماذا وكيف؟! لقد سمعت أن 25 حفلة زفاف سوف تقام لرجال عندهم نساء، والله إني حمدت الله تعالى واستبشرت خيراً أنهم سوف يتزوجون، ولم نسمع أنهم سوف يسافرون إلى بلاد الفساد، فهذه أيضاً نعمة من الله عز وجل إذا تعمقنا في التفكير، وأصدقك القول: إنني فيما مضى من الوقت كنت أحب الدعاء للإسلام والمسلمين، وأقوم آخر الليل أدعو للمسلمين، ولكني هذه الأيام شغلت بنفسي، أقوم آخر الليل أدعو لنفسي، أن يصلح الله لي زوجي، ولا أفقد اهتمامه بي أنا وأطفالي) إلى آخر ما قالت هذه الأخت الكريمة.

على كل حال المقصود هو لفت نظر الأزواج إلى أنه في حالة وجود شيء من تعدد الزوجات، فإنه ينبغي أن يراعي الإنسان في ذلك العدل قدر ما يستطيع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015