أخيراً: الأولاد ذكوراً كانوا أم إناثاً هم ابتلاء، فحينما يولدون يبتلى الإنسان برعايتهم وبرزقهم وبالقيام على شئونهم وبتربيتهم، وبالمحافظة على صحتهم، فالإنسان يسعى وراءهم، والله عز وجل كتب هذا في نفوس الآباء برحمته ليستمر البشر على ظهر هذه الأرض، ويقوما بعبوديتهم له جل وعلا وعمارة الدنيا، ثم هم ابتلاء بعد ذلك حينما ينزل بهم قضاء الله تعالى وقدره بالموت، فيحزن لذلك الآباء، وكم من أب بكى ابنه بدموع حارة.
ولعلي أذكر منهم الشاعر المعروف أبا الحسن التهامي الذي رثا ابنه حين مات في قصيدة رائعة، ومن ضمن هذه القصيدة يقول: يا كوكباً ما كان أقصر عمره وكذا تكون كواكب الأسحار جاورت أعدائي وجاور ربه شتان بين جواره وجواري ومكلف الأيام ضد طباعها متطلب في الماء جذوة نار فاقضوا مآربكم عجالى إنما أعماركم سفر من الأسفار ومثل الشاعر ابن الرومي توفي له ولد، فرثاه بقصيدة دالية جميلة من عيون الشعر العربي، يقول فيها: محمد ما شيء توهم سلوة لقلبي إلا زاد قلبي من الوجد أرى أخويك الباقيين كليهما يكونان للأحزان أورى من الزند وأولادنا مثل الجوارح أيها فقدناه كان الفاجع البين الفقد لكلٍ مكانٌ لا يسد اختلاله مكان أخيه من صبور ولا جلد إلى غير ذلك، وربما يكون من أعظم البلاء أن يبتلى الأب بوقوع ابنه في شرك الانحراف، ولذلك فإن على الأب، أن يُعنى بصلاح ولده، واستقامة خلقه ودينه، أكثر ما يُعنى بصحته وعافيته وسلامته.
رزقني الله تعالى وإياكم الذرية الصالحة.
ووفقني وإياكم إلى تربيتهم، والقيام عليهم، ورزقنا برهم، وجعلهم ذخراً لنا يوم نلقاه، وأستغفر الله تعالى لي ولكم، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.