اختلاف الجماعات الإسلامية

أما عن ما يسمى بالجماعات الإسلامية، وهل هي من هذا الباب، باب التنوع، أم من الذي قبله، وهو باب الاختلاف والتضاد؟ فإنني أعتقد أن فيها خليطاً من هذا وذاك حسب التفصيل: فأما أصل الاجتماع على الطاعة، وعلى الدعوة، وعلى طلب العلم، فهو محمود، قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة:2] وقال -سبحانه- بسم الله الرحمن الرحيم: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:1-3] .

فلو اقتصر المجتمعون على القدر المشروع، وتعاونوا عليه، ولم يؤاخذوا غيرهم إلا بما يؤاخذ به الشرع، ولم يجعلوا الولاء والبراء والنصرة والمؤاخاة في هذه الأشياء التي انتسبوا إليها، كان هذا الأمر محموداً، أما إن أضيف إلى ذلك ما يخالف الشرع من بدعة في الدين، أو زيادة، أو ولاء وبراء في غير الله تعالى ورسوله، أو دعوة إلى غير الله تعالى ورسوله، فهذا محرم بلا شك.

أما الكلام في البيعة التي توجد عند بعض الجماعات الإسلامية، فقد رأيت فيها كلاماً لـ شيخ الإسلام لعلني أجد وقتاً لقراءة شيء منه، لكن أقرب ما يقال: أن أقل أحوالها أن تكون مكروهة، لما فيها من التشبه أو مشابهة النذر، فإنها تشبه النذر حيث فيها إلزام المكلف نفسه بشيء لم يلزمه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم به، وقد يعجز عن حمل ذلك، وفي كلام بعض أهل العلم المتقدمين ما يومئ إلى شيء من ذلك.

فالذي أراه: أن أقل أحوالها أن تكون مكروهةً، كراهة تنزيه قياساً على النذر، ولأنه لم يرد في الكتاب والسنة البيعة إلا للإمامة العامة، أومن يفوضه الإمام، فالبيعة في السنن للرسول صلى الله عليه وسلم -مثلاً- أو لأمير الجيش، أو لأمير الناحية، أو نحو ذلك، هذا ما يظهر لي والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015