الفرق بين المداراة والمجاملة

Q ذكرتم في شريط التعامل بأخلاق الإسلام الجزء الأول الصدق في حمل الدين بأن يكون اعتقاد الإنسان في دينه وقيامه بدعوته عن صدق وإخلاص واعتقاد صحيح, وليس عن نفاق أو مجاملة لمن حوله, السؤال: في هذا الزمن إذا أردتُ أن ادعوَ شاباً منحرفاً فلابد أن أسلك معه المجاملة وذلك بعدم ذكر أخطائه وممازحته والتدرج في هذا المجال حتى أرشده في الأخير إلى الطريق السليم، فهل هذا ينطبق عليه كلامكم؟

صلى الله عليه وسلم في الواقع إنه هناك فرقاً بين المجاملة والمداراة، فعمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: [[مداراة الناس صدقة]] ونُقِل هذا المعنى عن جمع من السلف, أما المجاملة على حساب الدين فلا شك أنها لا تجوز, أما المداراة ومراعاة المصلحة وتقديم الأهم فالأهم, فلا شك أن هذا من الحكمة, فأنت إذا رأيت على إنسان مجموعة من الأخطاء والعيوب, ليس من المعقول أن تقف أمامه خطيباً فتقول أنت يا فلان فيك وفيك وفيك , ثم تسرد له عشرين خطأ وقع فيه في لحظة واحدة, وتقول: ما عليّ أريد أن أبرئ ذمتي, هو يعرف الأخطاء هذه قبل أن تقولها له لأنه هو الذي فعلها, لكن أنت تريد أن تخرجه -بإذن الله تعالى- من هذه الأخطاء، وحينئذ لا بد أن تتدرج معه ولابد أن تكسب قلبه ولابد أن تحاول أن تحسن إليه إذا استطعت, ثم تبدأ بالأخطاء الكبيرة ثم تنتقل منها إلى الأخطاء الصغيرة.

والرسول صلى الله عليه وسلم حين بعث معاذاً إلى اليمن قال له - كما في صحيح البخاري عن ابن عباس -: {إنك تأتي قوماً أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله} فبدأ بالشهادتين؛ لأنهما الأهم وهما ركن الإسلام الركين, {فإن هم أطاعوك في ذلك فأعلمهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة, فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم} إلى آخر الحديث.

اقتراح حول موضوع آداب طالب العلم: نحمده تعالى على إقبال طلاب العلم على الدروس العلمية، لكن هناك بعض الأشياء التي تخفى على طالب العلم من أهمها: آداب طالب العلم, وطَرَقَ هذا الموضوعَ كثيرٌ من العلماء، وإنني أطلب إفراد دروس لهذا الجانب, ويكون يوم الأحد نحن معشر الطلاب في أمس الحاجة إليه، خاصة ونحن نرى من يسيء الأدب في حضور بعض الدروس العلمية, حتى إنني رأيت أحد الطلاب بعد نهاية الشيخ من عرض إحدى المسائل وأدلتها، يسأل هذا الطالب قائلاً: هل بقي في هذه المسألة أدلة؟ فيقول له الشيخ: لا، فإذا بالطالب يقول: هناك أدلة كذا وكذا، وتكون إجابة غير صحيحة من الطالب؛ والقصص والحوادث التي تحدث من الطلاب كثيرة جداً يقع جزء منها في حلقات المساجد والجزء الكبير في بعض الجامعات, ومن شباب طيبين, فحبذا لو أنكم ركَّزتم على هذا الجانب لكي نستفيد منه معاشر الطلاب, وإنني لم أتقدم بهذا الاقتراح بقصد التشهير, ولكن هذا الموضوع كثيراً ما يضايقني في الدروس، ويكون هذا الفعل سبباً في ترك هذا الطالب هذه الحلقة وكذلك أقصد استفادتي وإخواني الآخرين, أسأل الله أن يعينك على هذا العمل الطيب البنَّاء، والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

الرد: وأنتَ فعليك السلام ورحمة الله وبركاته، شكر الله لك حسن أدبك في السؤال, حيث إنك أحَلْتَ إلى الموضع الذي ذكرتُ فيه الكلام, ثم أورَدْتَ السؤالَ بطريقة طيبة تدل على أن الله تعالى آتاك أدباً, نسأل الله لك ولإخوانك المزيد.

وسبق هذا الاقتراح من عدد من الإخوة قرأتُ أوَّلها، والباقي لم أقرأه اكتفاءً بما سبق, وسأخصص دروساً إن شاء الله للآداب العامة وهي آداب مفيدة وطريفة وفيها قصص وعجائب, وأخلاق طيبة, والدرس كموعده إن شاء الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سبحانك الله وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015