من الألقاب المكروهة أيضاً: ما كان من الألقاب فيه مضاهاة لمقام النبوة، لمقام النبي صلى الله عليه وسلم, فإن في بعض الألقاب ما لا يليق إطلاقه على صاحبه لما فيه من المساس بمقام النبي صلى الله عليه وسلم.
مثلاً حجة الإسلام كما أسلفت كثير من العلماء المترجمين يطلقون على أبي حامد الغزالي صاحب الإحياء, يطلقون عليه حجة الإسلام, بل تجد ذلك في كثير من كُتُبِه يُكْتَبُ على طرة الكتاب تأليف: حجة الإسلام الإمام أبي حامد الغزالي , أما الرافضة فهم يطلقون اليوم حجة الإسلام على كثير من مراجعهم الدينية, في عدد من البلاد.
ولا شك أن الحجة على الخلق هو الرسول صلى الله عليه وسلم, هو الذي جعله الله تعالى حجة على العالمين، كما قال تعالى {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء:165] , ومثل لقب: أفضل العالم، فإن هذا لا يصح إطلاقه إلا على الرسول صلى الله عليه وسلم, وبعض الناس خاصة الشعراء والأدباء يتوسعون في إطلاق بعض الألفاظ لأناس لا يستحقونها، وينسون مقام النبوة، بل ينسون مقام الربوبية والألوهية أحياناً, ولعلكم تعرفون قصة ذلك الشاعر الباطني الخبيث الذي وقف أمام أحد خلفاء الفاطميين يمدحه ويقول له: ما شئتَ لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنتَ الواحد القهارُ وكأنما أنتَ النبي محمدٌ وكأنما أصحابُك الأنصارُ فجعل لهذا الإنسان مقام الألوهية ومقام النبوة معاً, وهذا ليس بغريب على الباطنية من الفاطميين وأمثالهم من القرامطة والغلاة, لكن الأدباء حتى من غير الباطنية يتسامحون في هذه الألقاب ويطلقونها على من لا يستحقها, فلا يجوز إطلاق مثل هذه الألقاب على أحد من البشر, وأفضل العالمين أو أفضل الناس هو محمد صلى الله عليه وسلم.
ومثله (سيد الكل) أو (سيد الناس) أو (سيد ولد آدم) فهذه كلها للرسول عليه الصلاة والسلام، وفى صحيح البخاري وصحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر} وروى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة نحو هذا اللفظ عن أبي سعيد الخدري: {أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر} فهو سيد ولد آدم, فتلقيب غيره بهذا لا يجوز، مثل أن يقال (سيد الكل) أو (سيد الناس) وهذه موجودة مع الأسف حتى في مجال العلماء كثيراً، وفي المصنفات تجد سيد الناس، وهناك عالم مشهور إمام هو: ابن سيد الناس، شارح سنن الترمذي, وهناك في هذا العصر سيد الكل اسم مشهور في بعض البيئات والمجتمعات.
ومن الألقاب التي ينبغي الامتناع عن إطلاقها لقب (إمام الأئمة) وهذا اللقب يطلق على عالم فحل فذ مشهور, هو الإمام محمد بن إسحاق بن خزيمة صاحب الصحيح, صحيح ابن خزيمة والمصنفات المشهورة المعروفة, يسمى إمام الأئمة، وصاحب كتاب التوحيد أيضاً، وهو كتاب فذ في بابه, لكن الواقع أن إطلاق لقب إمام الأئمة عليه فيه نظر, فإن إمام الأئمة هو محمد صلى الله عليه وسلم, ولا ينبغي أن يطلق هذا اللقب على غيره.