Q ذكرت قصة عمر مع أبي موسى، فما جوابك على من استدل بهذه القصة على رد بعض الأحاديث التي لم يروها إلا صحابي واحد، من الأحاديث مثل حديث: {إنما الأعمال بالنيات} ؟
صلى الله عليه وسلم الجواب على هذا يطول، لكن أجيب جواباً واحداً فقط، أن عمر رضي الله عنه لم يرد حديث أبي موسى، لأنه لم يروه غير أبي موسى، فقد قبل عمر أحاديث كثيرة لم يروها إلا واحد، وإنما السبب في طلب عمر التثبت في حديث أبي موسى بالذات أنه يتعلق بأدب من الآداب التي استغرب عمر أن تخفى عليه.
فهذا الملحظ مهم جداً، فمثلاً عمر كان كثير الجلوس مع الرسول عليه الصلاة والسلام كان الرسول عليه الصلاة والسلام يكثر أن يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، دخلت أنا وأبو بكر وعمر، جلست أنا وأبو بكر وعمر، فكان عمر كثير الاستئذان على الرسول صلى الله عليه وسلم، وكثيراً ما كان يجلس عنده فَيُستأذن عليه، فاستغرب عمر! كيف خفي عليه أدب يتعلق بالاستئذان؟ وهو الأمر الذي يكثر أن يقع وأنا حاضر وخفي عليَّ؟ استغرب خفاءه عليه، ولهذا قال فيما بعد: [[خفي عليَّ هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم!]] .
ولهذا فالأشياء الشائعة، المنتشرة المشهورة، إذا لم ترو إلا من طريق واحد؛ فإن هذا من الأدلة على عدم ضبطه، مثلاً: لو فرض أنه وقعت حادثة في يوم الجمعة في المسجد الجامع، والحضور يعدون بالألوف، ثم ما روى هذه القصة إلا واحد، لو روى لنا واحد أنه في يوم الجمعة، وأمام الناس مثلاً، قام إنسان، وقال: كذا، وكذا، وكذا، ثم سألنا فلم نجد إلا شخصاً واحداً رواها، فدلَّ على أن هذا الرجل إما أنه كاذب، أو التبس عليه الأمر، لأنه يبعد أن تحدث قصة على مرأى ومسمع من ألوف، ولا يرويها إلا واحد، فـ عمر رضي الله عنه استغرب أن قضية تتعلق بأدب الاستئذان تخفى عليه من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.