تعليق على كثرة الإشاعات على رجال الحسبة

Q هل من تعليق على كثرة الإشاعات عن الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر؟

صلى الله عليه وسلم هذا طريق الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والإنسان الذي يتصدى لمثل هذا الأمر العظيم الجليل، ويقوم بالنيابة عن الأمة كلها، من مقاومة المنكرات والأمر بالمعروف، وإصلاح الناس وإرشادهم، ينبغي أن يتوقع مثل ذلك، يقول الله عز وجل: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آل عمران:186] والواجب علينا معاشر المسلمين كباراً، وصغاراً، حكاماً، ومحكومين، حتى فساق الناس واجب عليهم أن يعملوا على حماية ظهور الدعاة، والعلماء، والمصلحين، والآمرين بالمعروف، والناهين عن المنكر؛ لأنهم في الواقع يدافعون عنا عذاب الله جل وعلا، فإن من المقرر في سنن الله تعالى أن الأمة إذا تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أصابها الله تعالى بعقاب من عنده، وما دام يوجد في الأمة قوم يهدون بالحق وبه يعدلون، فإن هذه الأمة محفوظة، وهذا المعنى ثابت متواتر، ولعلها تتاح أكثر لبسطه فإنه ما دام يوجد ولو طائفة تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتقارع الظلم، والفساد في الأرض، فإن الله تعالى يدفع عن الأمة عذاب الاستئصال، والفناء، والهلاك العام {فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ} [هود:116] {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف:181] .

ولهذا، إذا كان في آخر الزمان، وقبض الله تعالى أرواح المؤمنين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، بعد ذلك بيسير تقوم الساعة، لأنه لم يبق في الأرض إنسان لله تعالى فيه حاجة.

فهم يقومون بالنيابة عنا، بهذه الفروض المقدسة، وحقهم علينا أقل ما يجب لهم، هو حماية ظهورهم من أن ينالها الناس، والتثبت فيما يشاع عنهم.

فكثيراً ما نجلس في بعض المجالس فيقول بعض الحضور: فلان فعل كذا، وفلان متسرع، وفلان متعجل، ويذكرون إشاعات، وأقاويل إنما نشرها وأشاعها قوم مغرضون، فإذا بحثت في الموضوع، وتثبتت وتحريت، وجدت الأمر على خلاف ما قيل، ووجدت أن الحقيقة ليست كما ذكروا، وأن هؤلاء الناس لم يصدر منهم الأمر الذي نسب إليهم.

نحن لا نقول أنهم ملائكة لا يخطئون، كل الناس يخطئون، ليس هناك أحد لا يخطئ، إلا الإنسان الذي لا يعمل، والذي لا يعمل تركه للعمل بذاته هو عين الخطأ.

إذاً ليس هناك أحد في الدنيا لا يخطئ لا كبير ولا صغير، لكن المصيبة أن بعض الناس بسبب انفصالهم عن هذا الأمر، وعدم حماسهم له، أصبحوا يفرحون بالوقيعة في مثل هؤلاء الصالحين، ويشيعون مثل هذه الأقوال، وينشرونها في المجالس، ويتكلمون عنها، وهذا ليس بصحيح، بل واجب عليكم أيها الإخوة أن تتثبتوا فيما سمعتم.

وأنا أقول يا إخواني: جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الجهاز الرسمي الذي وكلته الدولة لمقاومة المنكرات، له جهات تمثله، فإذا سمع الواحد منكم أن فلاناً فعل كذا وكذا وكذا، أو أن الهيئة فعلت كذا وكذا وكذا، أنا لا أقول: إنه عليه أن يقول: هذا كذب، ولكن أقل ما يجب عليه أن يذهب إلى الجهاز، وإلى الإخوة العاملين، ويقول: سمعت كذا، وسمعت كذا، وسمعت كذا، وهذا إذا صح أمر لا يليق منكم، فأود أن أعرف الحقيقة، وسوف يذكرون له الأمر الذي حدث بالضبط ويزيلون ما في نفسه.

حتى يكون كل إنسان على بينة من الأمر، أما أن نتحول أحياناً إلى أبواق نردد كلاما قاله أحد الفساق، فهذا ليس بصحيح {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:6] لا بد من التثبت، والتحري في مثل هذه الأمور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015