والصورة الثانية: هي التراجع عن بعض شرائع الإسلام؛ كالجهاد وتعطيله، والقعود عنه، أو التراجع عن نصرة المجاهدين في سبيل الله، أو نصرة عدوهم عليهم، وكالتراجع عن الإنفاق في سبيل الله، وقبض اليد، والاشتغال بالدنيا، ولهذا جاء في حديث عبد الله بن عمر الذي رواه أبو داود وأحمد وهو حديث صحيح، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إذا تبايعتم بالعينة، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، وتبعتم أذناب البقر، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم} فانظر كيف أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى مسألة (ترجعوا إلى دينكم) ، مع أنه لم يقل: إذا كفرتم بعد الإسلام، إنما قال: إذا تركتم الجهاد، وقوله: (إذا تبايعتم بالعينة) : يعني بالربا، وصور الربا مختلفة، والعينة أحد صورها، فالمقصود إذا تبايعتم بالربا واستخدمتموه، (ورضيتم بالزرع) : يعني بالدنيا، وانشغلتم بها عن القيام بهذا الدين، ونصرته وإقامة دولته، (وتركتم الجهاد في سبيل الله، سلط الله عليكم ذلاًَ لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم) والرجوع إلى الدين في مثل هذه الصورة المذكورة في هذا الحديث، هي: الرجوع إلى الجهاد، وأن تعرف الأمة الشيء الذي أوجدت من أجله؛ وهو أنها لم توجد من أجل الدنيا، والاشتغال والانهماك فيها، وإنما وجدت لتكون أمة قائمة شهيدة على الناس، كما قال الله تعالى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} [البقرة:143] .