مقدمة في فضل الدعاء

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه، أما بعد: فإن الله عز وجل قال لرسوله صلى الله عليه وسلم: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186] وفي الحديث القدسي: {يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي، إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر} وهل ينقص المخيطُ البحرَ شيئاً؟ كلا.

فكل ما يسأله العبد فهو قليل بالنسبة إلى ما عند الله عز وجل ولذلك لا يستكثر الله تعالى شيئاً أعطاه إياك، وكذلك أمر الله بالدعاء ووعد بالإجابة.

ولذلك فإننا نجد على مدار العصور من يوم أن خلق الله آدم عليه السلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها أن الله سبحانه يفتح أبواب الإجابة للسائلين، فما من عبد يسأل الله عز وجل بصدق وإخلاص وتجرد إلا أجابه الله عز وجل، ولذلك كان عمر رضي الله عنه يقول: [[إني لا أحمل هم الإجابة لكني أحمل هم الدعاء فإذا ألهمت الدعاء فإن معه الإجابة]] وقصص الذين استجاب الله عز وجل لهم كثيرة من الأنبياء والصحابة والصالحين من القدماء والمتأخرين وغيرهم، وبعض الناس قد يستغرب كيف يكون لهذا الدعاء التأثير مع أن كل شيء بقضاء وقدر، وبعض الناس يقول: ما دام كل شيء مكتوب، فلماذا أدعو؟ والجواب على هذا الإشكال أن يقال: إذا كنت تقول هذا الكلام عليك ألا تأكل ولا تشرب ولا تتزوج ولا تخرج ولا تدخل بل ولا تتنفس؛ لأن كل شيء مكتوب، فلماذا إذاً جاءت قضية الدعاء، قال: لماذا أدعو؟ وهو إذا جاع أكل، وإذا عطش شرب، وإذا أراد النكاح تزوج، وإذا أراد الولد تزوج، فنقول: نعم الأسباب مكتوبة والنتائج مكتوبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015